للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تبارك وتعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (١).

الجهاد فرض على الكافة، لا يجوز أن يتركه الناس كلهم، وليس بواجب على كل إنسان منهم، إلا أن تنزل الحاجة إلى ذلك، فيجب الجهاد حينئذ على من كان من المسلمين يُحْتاج إلى جهاده وقتاله في تلك الحال.

وكذلك طلب العلم فرض على الناس كافة، ينوب فيه بعض عن بعض، وما يكون منه ففرض (٢) على كل إنسان في نفسه، لا يجوز أن يتكل فيه على غيره علم حاله.

فأما الطهارة والصلاة ففرض على كل إنسان في نفسه تعليمها (٣)؛ لأنه يستوي فيهما الناس، فإذا دارت حال الإنسان إلى أن يكون إماما، وجب عليه أن يتعلم ما يلزمه ـ من يَؤُم ـ زيادة على ما كان عليه في نفسه، فإذا رُزِق ما يحج به وجب عليه أن يتعلم أحوال الحج، وكذلك الزكاة، وكلما وجب عليه شيء وجب عليه تعلم ذلك الشيء بعينه.

وأما الجهاد فيكفي بعض الناس بعضا، فإذا دعت ضرورة وجب على الناس جميعا، ولم يستأذن أحد أباه ولا أمه (٤).

وأما قوله: {(خِفَافًا وَثِقَالًا} (٥) فقيل: شبابا وشيوخا (٦).


(١) سورة التوبة (٤١).
(٢) كذا في الأصل، والعبارة قلقة.
(٣) كذا في الأصل، وصوابه: تعلمها.
(٤) وهذا ـ أيضا ـ ما قرره ابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٥١٧) وحكى فيه الإجماع، قال: " إذا كان النفير عاما لغلبة العدو على الحوزة، أو استيلائه على الأسارى، كان النفير عاما، ووجب الخروج خفافا وثقالا، وركبانا ورجالا، عبيدا وأحرارا، من كان له أب من غير إذنه ومن لا أب له، حتى يظهر دين الله، وتحمى البيضة، وتحفظ الحوزة، ويخزى العدو، ويستنقذ الأسرى، ولا خلاف في هذا ".
(٥) سورة التوبة (٤١).
(٦) ممن قاله؛ مجاهد، وعكرمة، وأبو صالح، والحسن البصري، والضحاك، ومقاتل. ينظر: مصنف ابن أبي شيبة [٤/ ٢٠٩ ما ذكر في فضل الجهاد]، وتفسير الطبري (٦/ ٣٧٦).

<<  <   >  >>