للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد لزم بشرط القدرة، وقد علمنا أن عائشة رضي الله عنها (١) كانت تقضي رمضان في شعبان (٢)، وإنما كانت تؤخره إلى شهر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم أكثره، ليوافق صومها عن الفرض صومه التطوع به، وقد قال الله عز وجل: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٣) فجعل الأخر في باقي السنة إلى شهر رمضان، والله أعلم.

وقد يؤخر الإنسان الحج خمسين سنة بهذا الترخيص فيموت، فإن جازها (٤)، قال الشافعي: فليس يأثم ولا حرج؛ لأنه له أن يؤخر، ويصير قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقول عمر - رضي الله عنه - لا فائدة فيه، ونعوذ بالله من أن نقول ذلك ومن كل ضلالة، وقد اتفقنا أن مؤخر الصلاة إلى آخر الوقت لا يقضى عنه إن مات، وزُعم عنه: أن تارك الحج يُحج عنه من ماله وإن لم يوص به (٥)، وقد تكلمنا في هذه المسألة في كتاب مفرد (٦) بما يغني عن الإطالة.


(١) هي: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، أم عبد الله، أحب زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه، قال فيها - عليه السلام -: فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وهي الفقيهة الزاهدة المبرأة من فوق سبع سماوات، توفيت سنة ٥٨ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٢٧١) والإصابة (٨/ ٢٣١).
(٢) أخرجه البخاري [٣٨٥ كتاب الصوم، باب متى يقضى قضاء رمضان] ومسلم [٢/ ٦٦٠ كتاب الصوم] ولفظه: كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) سورة البقرة (١٨٤).
(٤) الهاء في كلمة (جازها) غير واضحة تماما في الأصل، فيحتمل أن يكون قد ضرب عليها الناسخ، ويحتمل أنها مثبتة على نحو ما أتثبته هنا، والسياق يحتمل الأمرين.
(٥) بل نص الشافعي ـ رحمه الله ـ على هذا في كتابه الأم (٢/ ١٢٩) قال: " .. فمتى يكون فائتا؟ قلت: إذا مات قبل أن يؤديها، أو بلغ ما لا يقدر على أدائه من الإفناد، قال: فهل يقضى عنه؟ قلت: نعم ".
(٦) لم ينص ـ رحمه الله ـ على اسم الكتاب وربما كان كتاب: الرد على الشافعي.

<<  <   >  >>