للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تبارك وتعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية (١).

كان قوم يستغفرون لآبائهم الذين توفوا في الجاهلية، ويحتجون بقول إبراهيم لأبيه: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} (٢) فكان يستغفر له (٣)، وذهب عنهم قوله: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} (٤) يعني ترك الاستغفار، وقوله في هذه الآية أيضا: {وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (٥) وليس يتبين ذلك إلا بعد الموت، وإنما أيس إبراهيم - عليه السلام - لما مات أبوه، فيجوز للإنسان أن يدعو لأبويه الكافرين ماداما باقيين، يرجو من الله أن يتوب عليهما ويرزقهما الإسلام، فإذا ماتا على كفرهما حرم ذلك عليه؛ لأن الآية فيمن مات على كفره.


(١) سورة التوبة (١١٣).
(٢) سورة مريم (٤٧).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ١٣٠) والترمذي [٥/ ٦٩ كتاب التفسير، باب ومن سورة التوبة] وقال: حديث حسن، والنسائي [٦/ ٣٩٥ كتاب الجنائز، باب النهي عن الاستغفار للمشركين] والحاكم [٢/ ٣٦٥ كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة] وقال: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، كلهم عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: لا تستغفر لأبويك وهما مشركان، فقال: أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}.
(٤) سورة التوبة (١١٤).
(٥) سورة التوبة (١١٣).

<<  <   >  >>