للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: {لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} (١) إنما ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشكر أفعال أبي طالب (٢) فقيل: إنه لما مات قال: ? رحمك الله فلقد كنت ولقد كنت، فلما رأى المسلمون ذلك استغفروا لآبائهم، فنزلت الآية? (٣) وما الإسناد في ذلك بالقوي.

والأقوى في ذلك؛ أن قوما تأولوا استغفار إبراهيم ولم يتأملوا ما بعد ذلك، فنزلت يعني إبراهيم، ومن استغفر متأولا لأمر إبراهيم، ألا تراه ـ عز وجل ـ عقب بعد ذلك بأن قال: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} (٤) فقص القصة وتبريه بعد ذلك.


(١) سورة التوبة (١١٣).
(٢) هو: عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتربى في بيته بعد موت جد النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد المطلب، وكانت له مواقف عظيمة في نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه كان على شركه، ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصا على إسلامه، وتوفي على شركه قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقليل. ينظر: طبقات ابن سعد (١/ ٥٥) وسيرة ابن هشام (١/ ١٤٦).
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات (١/ ٥٩) والحاكم في المستدرك [٢/ ٣٦٦ كتاب التفسير، سورة التوبة] عن جابر بن عبد الله ما هو في معناه، ولفظه: لما مات أبو طالب قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - ـ رحمك الله وغفر لك ـ يا عم ولا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله عز وجل، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون، فأنزل الله تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال لنا أبو علي على أثره: لا أعلم أحدا وصل هذا الحديث عن سفيان، غير أبي حمة اليماني وهو ثقة، وقد أرسله أصحاب ابن عيينة" أ. هـ
وخبر استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه قد أخرجه البخاري [٩٧٣ كتاب التفسير، سورة التوبة] ومسلم [١/ ٥٩ كتاب الإيمان] لكن دون ذكر استغفار المسلمين لآبائهم لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يستغفر لعمه.
(٤) سورة التوبة (١١٤).

<<  <   >  >>