للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: إن تلك الشريعة لا تلزمنا (١)، قلنا له: كل ما أنزله الله علينا فإنما أنزله لفائدة فيه ومنفعة لنا فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (٢) فآيات يوسف - عليه السلام - مقتدى بها معمول عليها، والله أعلم.

قال الله عز وجل (٣): {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (٤).

قال قتادة: حَمِيل (٥).

الثوري (٦): كفيل (٧).

والكفيل والحميل: من تكفل بغيره، أو تحمل عن غيره (٨)، وهذا رجل ضمن


(١) هو قول الشافعية. ينظر: البحر المحيط للزركشي (٨/ ٤٣).
(٢) سورة الأنعام (٩٠).
(٣) لوحة رقم [٢/ ٣٩].
(٤) سورة يوسف (٧٢).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٣٢٥) به.
(٦) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وروى عنه شعبة والأوزاعي، كان رحمه الله إماماً ثقة ورعاً، توفي بالبصرة سنة ١٦١ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٥٣٨) وتهذيب التهذيب (٢/ ٣٥٦).
(٧) ينظر: تفسير الثوري ص ١٤٥.
(٨) ذكر ابن العربي المالكي نقلا عن القاضي إسماعيل ـ صاحب الأصل الذي اختصره القشيري ـ كلاما يساعد في بيان مراد المؤلف هنا، قال في أحكام القرآن (٣/ ٦٤): " وقد قال القاضي أبو إسحاق: ليس هذا من باب الكفالة، فإنها ليس فيها كفالة إنسان عن إنسان، وإنما هو رجل التزم عن نفسه، وضمن عنها، وذلك جائز لغة لازم شرعا " ثم ذكر الشاهد الشعري الذي أشار إلية المؤلف هنا، فمراد المؤلف: أن الآية ليس فيها دلالة على الكفالة، باعتبارها حمالة المرء عن غيره، وإنما تدل على الجعالة باعتبارها ضمان عن النفس، وهذا المعنى أشار إليه الجصاص في أحكام القرآن (٤/ ٣٩٠): " قال أبو بكر: ظن بعض الناس أن ذلك كفالة عن إنسان، وليس كذلك; لأن قائل ذلك جعل حمل بعير أجرة لمن جاء بالصاع، وأكده بقوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} يعني ضامن ... فهذا القائل لم يضمن عن إنسان شيئا, وإنما ألزم نفسه ضمان الأجرة لرد الصاع، وهذا أصل في جواز قول القائل: من حمل هذا المتاع إلى موضع كذا فله درهم" أ. هـ، وهذا على اعتبار أن الجاعل والضامنَ واحد، لكن يصح الاستدلال بالآية على الكفالة، إذا كان الجاعل غير الضامن، فقد قيل: إن الجاعل يوسف، والضامن المؤذن، ينظر: تفسير الطبري (٧٢٥٦) والمحرر الوجيز (٣/ ٢٦٤)، والله أعلم.

<<  <   >  >>