للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وزر (١)، وأما الفرائض فليس فيها رياء لتساوي الناس فيها، وإن كان فهو خاطر، وعلى الناس إظهارها (٢)،


(١) كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ فيه نظر؛ لأنه إن كان مراده أن المرائي في النوافل يُحْرم الأجر ولا يلحقه بريائه أثم، فهو مخالف لظاهر نصوص الكتاب والسنة، التي وردت بتحريم الشرك والنهي عنه مطلقا، دون تفريق بين نوافل العبادات وفرائضها، أو تقييد بالواجبات دون المستحبات؛ كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥] وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٨] وقوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] وكهذه الآية التي تكلم عنها المؤلف ـ رحمه الله ـ، وأما السنة فمنها ما أخرج مسلم [٤/ ١٨١٠ كتاب الرقائق] وغيره عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) ومن هذا الباب ما أخرجه مسلم [٣/ ١٢٠٢ كتاب الإمارة] وغيره عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار) وهذه الأعمال ـ كما ترى ـ من نوافل العبادات، ومع هذا فقد وقعت المؤاخذة بها لما وقع فيها الرياء، بل ورد النهي الصريح عن الرياء والسمعة بعينها، فقد أخرج البخاري [١٣٧٢ كتاب الرقائق، باب الرياء والسمعة] وغيره عن جندب بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من سَمَّع؛ سَمَّع الله به، ومن يرائي؛ يرائي الله به).
(٢) مراده ـ رحمه الله ـ أن الفرائض لا ينبغي أن يقع فيها الرياء، لأنها فرائض أوجبها الله تعالى، لا يسع المؤمن ـ بمقتضى إيمانه ـ أن يتركها، يستوي فيها المؤمنون جميعا، =

<<  <   >  >>