للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسمعت سهل بن عبد الله العابد (١) يقول: الرياء في أهل القدر (٢)؛ لأنهم يعتقدون أعمالهم من أنفسهم واستطاعتهم، فأما أهل السنة فيعتقدون في أعمال البر كلها أنها مَنٌّ (٣) من الله (٤) عليهم ولولا ذلك ما قدروا عليها، فليس يكون الرياء فيهم إلا خاطرا يبطل ما يعتقدونه (٥)، والله العالم بذلك.


= أما النوافل فإنها لما كان المؤمن غير مكلف بها، فإن وقوع الرياء فيها أدعى، وتزيين الشيطان فيها للعامل أقوى، ولذا قال ـ رحمه الله ـ: " وأما الفرائض فليس فيها رياء لتساوي الناس فيها " يريد من جهة التكليف، وهذا أمر مشاهد محسوس فالمرء يتخوف من الرياء في نوافل العبادات والقربات، ويخشاه على نفسه، على نحو لا يجده في الفرائض والواجبات، ولم يزل أهل الفضل يستترون بنوافل عباداتهم، ويحرصون الحرص كله على إخفائها، ومن هذا الباب فَرَّق أهل العلم بين الصدقة الواجبة فاستحبوا إظهارها والإعلان بها، والصدقة غير الواجبة فاستحبوا إخفائها.
(١) هو سهل بن عبد الله بن يونس التُسْتري أبو محمد الصوفي، له كلمات نافعة ومواعظ حسنة، وقدم راسخ في الزهد، توفي سنة ٢٨٣ هـ. ينظر: صفة الصفوة (٤/ ٦٤) وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٣٣٠).
(٢) لم أجده.
(٣) كذا في هذا الموضع وفي سورة الضحى عند قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} قال: منة.
(٤) لوحة رقم [٢/ ١٨٢].
(٥) كذا في الأصل، والسياق يقتضي زيادة حرف الباء لتكون العبارة: بما يعتقدونه.

<<  <   >  >>