للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول من قال: إنه ينتفع بها إلى أن تصير بدنة، فهذا ليس بأجل مسمى؛ لأن المسمى معلوم وقته، والبدن قبل الإيجاب لا تسمى بدنة، فكيف يقال: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} أنها البدن {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وإنما هي إبل ليس فيها إيجاب، ولا تكون بدنا حتى توجب، وإنما البدن أحد شعائر الله ـ عز وجل ـ فكأنه قيل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (١) ولكم في كل شعائر الله خير، من عرفة والمشعر ورمي الجمار والطواف (٢) وهذه أشياء لابد منها في الحج، وقد يحج الحاج ولا يسوق بدنا ولا تجب عليه، فإذا فعل ذلك دخل في جملة الشعائر.

وقد سئل عطاء عن الشعائر فقال: حرمات الله، اجتناب سخط الله واتباع طاعته فذلك شعائر الله (٣).

وقال زيد بن أسلم: الشعائر ست: الصفا والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن، والحرمات خمس: الكعبة، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، والمُحْرِم حتى يحل (٤).

وقال أبو مصعب (٥): قال مالك: إذا مضت عشية عرفة وليلة المزدلفة والوقوف بالمزدلفة حين الوقوف بها، فلا معتمل لأحد في شيء من ذلك، لأن الله ـ تبارك وتعالى


(١) سورة الحج (٣٦).
(٢) لوحة رقم [٢/ ١٩٠].
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة [٣/ ٢٧٥ كتاب الحج، قوله تعالى: ومن يعظم شعائر الله] به.
(٤) تقدم تخريجه عند قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ}.
(٥) هو: أحمد بن القاسم بن الحارث بن زرارة الزهري، أبو مصعب المدني، فقيه المدينة، وأحد أشهر رواة مالك الذين نشروا مذهبه، توفي بالمدينة سنة ٢٤٢ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٣٠٨) وتهذيب التهذيب (١/ ٨٣).

<<  <   >  >>