للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج آخر (١) بقول الله عز وجل: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} (٢) وهذا غلط أيضا؛ لأن المخاطبة لجماعة، قال الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (٣) فعلم أنهم جماعة، وأنه إن يعف عن طائفة منهم، بالتوبة مما كانوا فيه من الكفر الذي وصف الله، يعذب طائفة ممن لم يتب، فإن كان الذي تاب منهم رجلا فما فوق دخل في المعنى، وإن كان الذي لم يتب رجلا فما فوق دخل في المعنى، إذ كانوا إنما يستحقون ذلك بأفعالهم.

والطائفة التي تحضر عذاب الزاني لم يحضروا لفعل كان منهم في أنفسهم، وإنما أُحْضِروا ليكونوا شهودا لعذاب غيرهم، فإن كان الواحد من الشهود يقوم مقام الجماعة، فينبغي أن يقاس عليه، وإن لم يكن يقوم مقامهم خرج من حكمهم بالمعنى واللفظ جميعا؛ لأن الشهود يحتاج إليهم (٤) فيما يحدث بين المحدود وغيره، وهو أن يقذفه قاذف بعد ما يقام عليه حد الزنا، فإذا أتى القاذف بأربعة فشهدوا أن حاكما قد حد المقذوف في الزنا سقط الحد عن القاذف

وكذلك لو كانت أمة لرجل فحدها سيدها في الزنا ثم أعتقت، فقذفها رجل فأتى القاذف بأربعة فشهدوا: أنها كانت أَمَةً، وأن سيدها قد كان حدها في الزنا؛


(١) لم يبين المؤلف من الذي احتج، والمراد به: محمد بن كعب، حيث نص عليه القاضي إسماعيل في القطعة المتبقية من كتابه: أحكام القرآن، وأورد عليه نفس الإيراد المذكور هنا.
(٢) سورة التوبة (٦٦).
(٣) سورة التوبة (٦٥، ٦٦).
(٤) لوحة رقم [٢/ ١٩٩].

<<  <   >  >>