للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خصمه، ولو كان أعدل الناس، فكيف يدخل قاذف زوجته في باب من تقبل شهادته عليها وهو خصم لها.

ولو كان اللعان يجري مجرى الشهادات لما لُوعن بينهما حتى تثبت عدالتهما، إنما جعل الله اللعان رحمة لعباده، إذ كان الأزواج لا يجرون مجرى غيرهم من سائر الناس الذين أُخذ عليهم، ومنعوا من الرمي، إذ كانوا لا ضرر عليهم في أنفسهم فيما عاينوه، والزوج يلزمه من إظهار ما رأى وعاين ما لا يلزم غيره؛ لأنه يخاف أن يلحق به نسب ليس منه، فجُعل له إذا أنكر حملا، ولم يعرف له نسب أن ينكره، وجعل له إذا عاين أو شاهد الزنا أن يخبر به، ثم جُعل له المخرج من ذلك باللعان، ولم يجُعل ذلك لغيره لضرورته إليه، ولا ضرورة لغير الزوج إلى ذلك.

وإنما قيل: يشهد أربع شهادات بالله؛ لأن ما حكاه مأخوذ من باب المشاهدة بالأبصار أو بالقلب، فسمي شهادة لهذه العلة، ولذلك قال مالك - رضي الله عنه -: إن من قال لامرأته: يا زانية، ولم يقل: رأيت ولا نفى حملا؛ أنه يُحد ولا يلاعن (١)؛


(١) ينظر: المدونة (٦/ ١٠٥) والاستذكار (٦/ ٨٩).

وما ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ هنا هو إحدى الروايتين عن مالك، في الرجل يقذف امرأته، هل يشترط أن يصرح برؤيتها تزني، حتى يحق له أن يلاعن، أو يكفي القذف وإن لم يصرح بالرؤية؟ والاشتراط هو ظاهر كلام الإمام مالك في المدونة، أما الرواية الأخرى، فقد نص عليها عدد من أئمة المذهب، كما في: رسالة القيرواني ص ٩٧ والتلقين (١/ ٣٣٩) والاستذكار (٦/ ٨٩) وأحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>