للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه بهما، وشهادتهما (١) عن علم منها بصدقه أو كذبه، فكل واحد منهما موكول إلى علمه، وإن كان أحدهما كاذب لا محالة، فإذا كان اللعان أيمانا على مشاهدة؛ فكيف تجعل شهادة، والعدل لا تقبل شهادته لنفسه، وكيف شبهوا اللعان بالشهادة (٢) (٣) والشاهد لو قال: أشهد بالله مائة مرة لزيد على عمرو درهم واحد، ما جازت شهادته؛ لأن الشاهد إذا حلف كان منهما.

وكل من حُكم عليه بيمين أو حُكم له بيمين، فالبر والفاجر والحر والعبد فيهما سواء، والمسلم والذمي، وقد عم? الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه الأزواج، فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (٤) فكل هؤلاء من الأزواج، ولو أن رجلا فاسقا ظاهر الفسق، قذف امرأته لو جب بينه وبينها اللعان في قولهم، وهم لا يقبلون شهادته، وكذلك الأعمى في قولهم (٥)، وهم لا يقبلون شهادته، فقد أخرجوهما من باب الشهادات.

ولو أن رجلا شهد على امرأته بالزنا وهو عدل، وشهد معه على ذلك ثلاثة شهود، لما قبلت شهادتهم عليها؛ حتى يشهد عليها أربعة سواه؛ لأن الله يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} فالشهداء على الزنا أربعة، فإذا لم يكونوا أربعة سواه لم تقبل شهادتهم، فكيف يجري أمره وحده مجرى الشهادات.


(١) كذا في الأصل: شهادتهما، وهو تحريف، وصوابه: شهادتها، لأن الإشارة فيه إلى المرأة.
(٢) ذهب الأحناف ـ كما أشار المؤلف رحمه الله ـ إلى أن اللعان شهادات مؤكدات بالأيمان، ينظر: شرح فتح القدير (٤/ ٢٤٧).
(٣) لوحة رقم [٢/ ٢٠٧].
(٤) سورة النور (٦).
(٥) ينظر قول الأحناف في: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ١٣٦) وشرح فتح القدير (٤/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>