للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: لا يكون بين الزوجين لعان حتى يكونا حرين مسلمين؛ لأن الرجل المسلم إذا قذف زوجته النصرانية، لم يكن عليه حد، وكذلك إذا قذف زوجته المسلمة (١) لم يكن عليه حد (٢).

هذا القول إنما يجوز لقائله أن يقول، إذا علم أن الله ـ تبارك وتعالى ـ إنما أوجب اللعان من أجل الجلد خاصة، وليس في هذا دليل من كتاب الله ـ عز وجل ـ ولا سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وليس الرمي الموجب للعان؛ القذفُ بما لم يشاهد، المسلمُ ـ عندنا ـ إذا قذف زوجته المسلمة وقال: لم أر ولا تيقنت؛ جُلد ولم يلاعن، وإنما الذي يلاعن من يقول: رأيت وتبينت، كما في الحديث.

فإن قال قائل: قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: {يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} كما قال: {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} قلنا: اللفظ قد يستوي ويفترق والمعاني، قد قيل: البينة على المدعي (٣)،


(١) كذا في الأصل: المسلمة، وهو سبق قلم، وصوابه: الأمة، إذ لا خلاف في أن الزوجة المسلمة الحرة تلاعن، وكلام المؤلف قبله وبعده يدل عليه، والمؤلف أراد ذكر قول الأحناف، في اشتراطهم أن تكون الزوجة مسلمة حرة، حتى يجرى اللعان بينها وبين زوجها، وقد أشار إلى ذلك في أول الفقرة لما قال: "وقالوا: لا يكون بين الزوجين لعان حتى يكونا حرين مسلمين".
(٢) ينظر قول الأحناف في: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ١٣٤) والمبسوط (٧/ ٤٠) وشرح فتح القدير (٤/ ٢٥٣).
(٣) جزء من حديث أخرجه الترمذي [٣/ ٦٨ كتاب الأحكام، باب ما جاء: البينة على المدعي] وضعفه، والدارقطني [٣/ ٧٧ كتاب الحدود والديات] من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وأخرجه البيهقي [١٠/ ٢٥٢ كتاب الدعوى، باب البينة على المدعي .. ] من حديث ابن عباس، قال البيهقي: روينا حديث البينة على المدعي ... من أوجه كلها ضعيفة.

وأخرجه الدارقطني ـ الإحالة السابقة ـ عن أبي هريرة، وضعفه ابن عدي في الكامل (٦/ ٣١٠).
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم؛ أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه.

<<  <   >  >>