للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الكتابة، فقد يجوز أن يجعله دانق فضة (١) من عشرة آلاف درهم، فهل يجوز في عقل عاقل، أن يأمر الله تبارك وتعالى في مثل هذا بهذا! وقد يجوز أن يلزم في ذلك أن يحط حبة، وأحسبه لم يفكر فيما وضع في كتابه من ذلك.

وتأملت الروايات في ذلك من عمر وعلي صلوات الله عليهما ومن دونهما، فوجدتها كلها على التكرم وعلى غير الإيجاب، وكذلك (٢) روي عن عثمان، وقد كاتب عثمان - رضي الله عنه - عبدا له على مائة ألف درهم فلم يحط منها شيئا واستوفاها (٣)، وكاتب أنس سيرين (٤) فاستوفى ولم يحط عنه شيئا، ونظائر هذا كثير، وهو شيء أمر الله به وندب إليه وأحبه من عباده الأصل والفرع (٥)، فلا ينبغي لذي علم أو دين أن يخرج من ذلك إلى المستقبح، إلا أن يكون قد نظر لعبده حين كاتبه نظرا يؤديه إلى العتق، فيجوز له أن يدع ويجوز ألا يدع له شيئاً، كما فعل عثمان وأنس وغيرهما.


(١) قال في اللسان مادة: دنق: الدَّانَقُ: من الأَوزان ... وهو سدس الدرهم"
(٢) لوحة رقم [٢/ ٢١٦].
(٣) أخرجه البيهقي [١٠/ ٣٢٠ كتاب المكاتبة، باب مكاتبة الرجل عبده .. ].
(٤) تقدم ذكر هذا الخبر في أول كلامه عن هذه المسألة.
(٥) قوله: (الأصل والفرع) أما الأصل: فهو المكاتبة نفسها، وأما الفرع: فهو الحط عن المكاتب بعض نجوم المكاتبة، كما يدل عليه سياق كلامه.

<<  <   >  >>