للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من رأى أن يعطيه من عنده من غير مال المكاتبة (١).

ومنهم من قال: عنى بهذه الآية الناس جميعا من مولاه وغيره (٢)، فكان ظاهر ما روي عنهم يدل على الاختيار من غير إيجاب.

وأما المتعة فقد رُّغِب المُطلِق في ذلك، وقد مضى الكلام في موضعه (٣).

وأما المكاتب إنما هو شيء ـ في قول الشافعي ـ يسقط من شيء يكون قد وجب للسيد، وليس يجوز أن يسقط من شيء معلوم شيء مجهول لا يعرف مقداره، وكيف يجوز أن يكتب على العبد مثلا أربعة آلاف ويشهد عليه بها، وهي أقل من أربعة آلاف، قد عملوا على ذلك، وحكم الكتاب أن يكون عدلا بين المتعاملين، فإن كان الذي كُتِبَ عليه حقا، فليس يجب على السيد شيء سواه، وإن كان باطلا فإن الكتابة منفسخة.

والشافعي يزعم أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم مما كوتب عليه (٤)، فإن كان يعني أنه عبد ما بقي عليه درهم سوى ما يجب أن يُسْقَط عنه، وجب أن يكون ما يُسْقَط عنه معلوما في أصل الكتابة، حتى يعلم الحال التي يعتق فيها من الحال التي لا يعتق فيها، لأن هذا حكم بين رجلين إذا أداه المكاتَب عتق، فلا بد أن يكون معلوما كما كانت الكتابة معلومة، والشافعي يجعله مجهولا، وقال: أقل ما يقع عليه اسم شيء


(١) أخرجه ابن أبي شيبة [٢١٣٤٤ باب من كان يحط عن المكاتب] عن مجاهد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق [٨/ ٣٧٦ كتاب المكاتب، باب وآتوهم من مال الله] والطبري في تفسيره (٩/ ٣١٧) عن النخعي.
(٣) ينظر: اللوحة رقم ٥٧، عند قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦].
(٤) ينظر: الأم (٨/ ٥٣) والمهذب (٢/ ١٤).

<<  <   >  >>