للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي عن جابر وابن عباس وجماعة أنها نزلت في عبد الله بن أبي سلول (١) كان له جاريتان إحداهما معاذ والأخرى مسيكة، كان يكرهما على البغاء يستنجب منهما العبيد، فكان يُكره ويضرب (٢) فأخبر الله عز وجل بمغفرته للأمتين إذ كانتا مكرهتين كارهتين، فقال سبحانه: {وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣) لهن.

والآية على العموم وإن كانت نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (٤) وقال: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (٥) وقد كان هذا الفعل في الإماء في الجاهلية فكان مقرونا بكفرهم، فلما جاء الإسلام نسخ ذلك كله، وقيل: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (٦) فكل من دخل في الإيمان من حُرٍّ وعبد فقد حرم الله عليه الزنا.

وقوله عز وجل: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} دليل على أنه لا تحريم على الكافرين وأنه لا اعتراض لنا في زناتهم وفسوقهم وخمورهم، إذا أقررناهم على أنهم لا


(١) هو: عبد الله بن أبي بن سلول بن مالك الخزرجي، كان سيد قومه حتى هموا أن يجعلوه ملكا عليهم، فلما جاء الله بالإسلام شرق به، حتى بغى ونافق، مات منصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك. ينظر: طبقات ابن سعد (٣/ ٢٧٨).
(٢) لوحة رقم [٢/ ٢١٧].
(٣) سورة النور (٣٣).
(٤) سورة الإسراء (٣٢).
(٥) سورة النساء (٢٥).
(٦) سورة النور (٣).

<<  <   >  >>