للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم نر أحدا يقف على مقدار القلتين، فأما ما رواه الشافعي فإنه ذكره عن مسلم بن خالد (١) عن ابن جريج (٢) بإسناد لم يحضره ذِكْرَه، ولا حضره أحد من المسلمين بعده ذِكْرَه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ? إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا? فقال فيه بقلال هجر (٣)، فبعيد في القلب أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبين للناس بالمدينة على مقدار بهجر لم يروه، ويحملهم على ما يجوز الاختلاف في مقداره، وهو يقدر على أن يقدر لهم كما قدر الصاع والوسق وغير ذلك، فعرفه الناس وعملوا عليه، فلو سن في الماء مقدارا لقال: وسق ووسقين وما أشبه ذلك، فكانت المخاطبة لهم بشيء يعرفونه ـ والوسق: ستون صاعاً ـ والمد والصاع والوسق مقادير يعرفها المخاطبون منذ زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الغاية لا يختلف عليهم.

فأما ما يرويه أهل الكوفة في الصاع الحجاجي (٤) فشيء لا يثبت ولا يُعْرَف، والصاع والمد مكيال المدينة لا يعرفون سواه ولا يحتاجون فيه إلى إسناد.


(١) هو: مسلم بن خالد بن فروة المخزومي مولاهم، أبو خالد الزنجي، قال ابن سعد: كان كثير الغلط في حديثه وكان في هديه نعم الرجل، توفي سنة ١٨٠ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٣٣٤) وتهذيب التهذيب (٥/ ٤٠٨).
(٢) هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد المكي، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث جدا، توفي سنة ١٥٠ هـ ينظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٣٣٠) وتهذيب التهذيب (٣/ ٤٧٦).
(٣) أخرجه الشافعي في مسنده (١/ ١٦٥) والبيهقي [١/ ٢٦٣ كتاب الطهارة، باب الفرق بين القليل الذي ينجس] به. قوله: بإسناد لم يحضره ... ، لأن الشافعي ـ رحمه الله ـ قال في إسناده: حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره.
(٤) الحجاجي: مكيال نسب إلى الحجاج والي العراق، قال ابن حزم في المحلى (٥/ ٢٤٤): " وأما حقيقة الصاع الحجاجي الذي عولوا عليه، فإننا روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق، عن مسدد، عن المعتمر بن سليمان، عن الحجاج بن أرطأة، قال: حدثني من سمع الحجاج بن يوسف يقول: صاعي هذا صاع عمر، أعطتنيه عجوز بالمدينة".

<<  <   >  >>