للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما قوله سبحانه: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} (١).

فمعناه: ما كرهته أن يؤتى إليك فاكرهه من نفسك لهم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ومن رضي لهم ما يرضاه لنفسه، والله أعلم بما أراد.

قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}

إلى: {أَتْقَاكُمْ} (٢).

الشعوب: القبائل البعيدة، والقبائل: القريبة، ومعنى القريبة والعبيدة، البعيدة المناسبة إلى مضر أو إلى تميم أو إلى قيس أو إلى ربيعة وما أشبه ذلك، والقريبة: قربى القرشي من القرشي، والهلالي من الهلالي، والفزاري من الفزاري، والعقيلي من العقيلي، والقشيري من القشيري، وما أشبه ذلك مما يقرب ويبعد (٣).

وأما قوله سبحانه: {مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} فإنه يعني من آدم وحواء عليهما السلام، ثم كل أحد من نسلهما أيضا، فمن ذكر وأنثى، خلا عيسى بن مريم - عليه السلام - فإن الله عز وجل خلقه من أنثى بغير ذكر، فهذا معنى الشعوب والقبائل، وقد يدخل في ذلك من لم يكن من العرب بذكر الشعوب وأنهم كلهم يتشعبون من آدم - عليه السلام -، وقد روي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? أنه خطب يوم الفتح فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد: أيها الناس فإن الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم عُبِّيَّة (٤) الجاهلية وتعاظمها، يا أيها الناس إنما


(١) سورة الحجرات (١٢).
(٢) سورة الحجرات (١٣).
(٣) ينظر: غريب القرآن للسجستاني، مادة شعوب، وفتح الباري (٦/ ٦١٠).
(٤) قال في عون المعبود (١٤/ ١٦): " عبية الجاهلية بضم العين المهملة، وكسر الموحدة المشددة، وفتح المثناة التحتية المشددة، أي فخرها وتكبرها ونخوتها، قال الخطابي: العبية: الكبر والنخوة، وأصله من العب وهو الثقل، يقال: عبية وعبية بضم العين وكسرها ".

<<  <   >  >>