للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآية توجب كل ذلك، وألا يخاطب أحد بما يكره من اسم أو لقب أو سب، مثل أن يقال للرجل: يا منافق أو يا فاجر أو فاسق، وما أشبه ذلك مما يسوء المخاطب (١)، فإن ذلك كله وزر على قائله، والله أعلم.

قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} (٢).

روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ? إياكم والظن فإنه أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا، وكونوا عباد الله إخوانا? (٣) وقال ابن عباس - رضي الله عنه - مثل ذلك وزاد (٤)? ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله? (٥)، وقال مجاهد نحو ذلك (٦).

فالآية توجب على المسلمين ترك التجسس وما أشبهه، وألا يظن ظن السوء بأحد ما لم يجاهر بالمعاصي، فإن الله تبارك وتعالى يغير ولا يعير، ويدع سر العباد بينهم وبين ربهم، ويستر المؤمن على أخيه المؤمن، ويعظه ويخوفه بالله إذا رأى منه ما ينكره، تقربا إلى الله ـ عز وجل ـ لا تعييرا له، فإن أظهر إنسان معاصي الله كُوشف بالإنكار عليه، وعُودي على ذلك حتى يتوب.


(١) بين المؤلف هنا الضابط في المنهي عنه، من الألقاب والأوصاف التي تجري وبين الناس، ويطلقها بعضهم على بعض، أن المنهي عنه ما كان فيه إساءة وكراهة لمن أطلقت عليه، وهذا ـ أيضا ـ ما أشار إليه ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ١٥٥) حيث يقول: " يعني أنك إذا ذكرت صاحبك بما يكرهه فقد آذيته، وأذية المسلم فسوق، وذلك لا يجوز ... والذي يضبط هذا كله ما قدمناه من الكراهة لأجل الأذاية".
(٢) سورة الحجرات (١٢).
(٣) أخرجه البخاري [١٢٨٨ كتاب الأدب، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر] ومسلم [٤/ ١٥٧٦ كتاب البر والصلة] به.
(٤) لوحة رقم [٢/ ٢٥٣].
(٥) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣/ ٢٣٩) والصغير (١/ ١٧٧) دون قوله: كما أمركم الله، وهي عند مسلم ـ الإحالة السابقة ـ من حديث أبي هريرة.
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٣٩٤).

<<  <   >  >>