للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآن من المسيس في شيء، ولا هي مما يحل به المسيس فيزول معنى {قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ولو مس قبل أن يكفر لما وجب أن يكون آثما عنده في المسيس، وإنما يكون آثما في تأخير الكفارة التي كانت وجبت مس أو لم يمس.

ولم يتأمل الشافعي أمر الظهار الذي حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة؛ لأن المظاهر لم يأت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتت امرأته ثم أتى هو بعد زمان (١)، وكانت المخاطبة في ذلك في زمان آخر، ثم نزل الوحي بالكفارة بشرط المسيس، وأن لا يحل إلا بعدها.

والشافعي يزعم أن الطلاق يكون متصلا وكان الظهار من طلاقهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ? ما أراكِ إلا قد بنتِ منه? ـ على ما كان يعرف ـ? فقالت: إلى الله أشكو فاقتي إلى زوجي? (٢) فعند ذلك نزل الظهار، فنقل التحريم إلى الكفارة، فكيف يكلف الناس الطلاق بعده، وقد أزيل الطلاق وحكمه، هذا مما يستحيل في العقول كونه.

والظهار عندنا لم يُحْدِث غير منع الوطء، فإذا كان لم يُحْدِث غير منع الوطء (٣)، فإذا كان لم يحدث غير ذلك، والزوجان بحالهما، كان العود إنما يكون إلى ما هو منه ممنوع، وهو الوطء الموجب للكفارة، فشرط عليه تقديم الكفارة قبله، فلو ماتت أو طلق لسقطت الكفارة.

وقد روي عن بُكَيْر بن عبد الله بن الأَشَجِّ (٤) أنه قال في {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}: هو أن يعود فيتكلم بالظهار مرة أخرى (٥) (٦)، وبُكَيْر يرتفع ـ عندي ـ عن هذا القول


(١) أخرجه البيهقي [٧/ ٣٩٢ كتاب الظهار، باب لا يجزئ أن يطعم أقل من ستين] والطبراني في الكبير (٢٤/ ٢٤٧) من حديث يزيد بن زيد عن خولة.
(٢) تقدم تخريجه في أول كلامه عن هذه المسألة.
(٣) الظاهر أن جملة: " فإذا كان لم يُحْدِث غير منع الوطء " فيها تكرار مع ما قبلها، ويستقيم سياق الكلام بدونها.
(٤) هو: بكير بن عبد الله بن الأشج القرشي مولاهم، أبو عبد الله المدني نزيل مصر، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة ١١٧ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٢٩٥) وتهذيب التهذيب (١/ ٣٦٨).
(٥) ينظر: التمهيد (٦/ ٥٨) وأحكام القرآن لابن العربي المالكي (٤/ ١٩٢) والمحلى (١٠/ ٥٠).
على أن هذا القول قال به من التابعين ـ أيضا ـ أبو العالية، كما عزاه إليه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٢٦٨).
(٦) لوحة رقم [٢/ ٢٦٦].

<<  <   >  >>