للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تؤخذ رخصه كما يؤخذ بعزائمه (١)، وكان الطلاق الذي ألزمه نفسه واجبا عليه، وإن كان قد وضعه في غير موضعه؛ لأن الطلاق إخراج ملك عن يده، يقع بسنته وبغير سنته، كما يعتق فيلزمه بسنته أو بمعصيته كل ذلك يلزمه، وقد قيل لابن عمر: فهل عُدّ ذلك طلاقا؟ فقال: أرأيت إن كان ابن عمر عجز واستحمق، فما يمنعه أن يكون طلاقا (٢)، وذهب على سائله قول رسول - صلى الله عليه وسلم -: {مره فليرتجعها} (٣) فهل تراجع إلا المطلقة، وابن عمر الذي خوطب بذلك، ها أنت ذا طلقت امرأتك واحدة واثنتين، أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجعتها، ها أنت ذا طلقت امرأتك ثلاثا، بانت منك امرأتك وعصيت ربك.

وقد ذكرنا في سورة البقرة الأقراء ما هي، والحجة على من قال أنها الحيض (٤).

وممن قرأ الآية: {فطلقوهن لقُبُل عدتهن} ابن عمر، رواه مالك وجماعة عن عبد الله بن دينار (٥)، عن ابن عمر (٦)، ورواه ابن أيمن (٧) وابن جبير عنه (٨).


(١) يشير إلى ما أخرجه ابن حبان [٢/ ٦٩ كتاب البر والإحسان، باب ما جاء في الطاعات وثوابها] وغيره، من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه).
(٢) أخرجه البخاري [١١٣٩ كتاب الطلاق، باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق] ومسلم [٢/ ٨٨٧ كتاب الطلاق] من طريق يونس بن جبير، عن ابن عمر بنحوه، والسائل هو ابن جبير الراوي عنه.
(٣) تقدم تخريجه في أول كلام المؤلف عن هذه الآية.
(٤) عند قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} في اللوحة رقم ٥٠.
(٥) هو: عبد الله بن دينار العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني، قال اين سعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة ١٢٧ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٢٥٩) وتهذيب التهذيب (٣/ ١٢٦).
(٦) أخرجه مالك في الموطأ [٢/ ٤٥٩ كتاب الطلاق، باب جامع الطلاق] ومن طريقه أخرجه البيهقي [٧/ ٣٢٣ كتاب الطلاق، باب ما جاء في طلاق السنة] عن مالك به.
(٧) هو: عبد الرحمن بن أيمن المخزومي مولاهم، قال ابن حجر: أثنى عليه ابن عيينة خيرا، وذكره ابن حبان في الثقات. ينظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٣٢٧) وتهذيب التهذيب (٣/ ٣٢٣).
وروايته أخرجها مسلم [٢/ ٨٨٩ كتاب الطلاق].
(٨) هو: يونس بن جبير الباهلي، أبو غلاب البصري، قال العجلي: بصري تابعي ثقة، توفي بعد سنة ٩٠ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٧٧) وتهذيب التهذيب (٦/ ٢٦٨).
وروايته عن ابن عمر أخرجها البخاري [١١٥٦ كتاب الطلاق، باب مراجعة الحائض].

<<  <   >  >>