للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث حالا بعد حال، ألا تراه قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (١) فرد هذا النسق على قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٢) ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} نسقا على قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.

ومعنى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} فإن سرحها بالطلاق الثالث، وأدخل ما بين ذلك ذكر الخلع (٣) وهو قوله عز وجل: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ} (٤) فكان أمر الخلع الذي أُدخل في هذا الموضع، حكما بين النساء كلهن، لا في التي طُلِّقَت مرتين، ومثل هذا يجيء في القرآن كثير، تدخل القصة فيما بين القصتين، ثم ترد الآخرة على الأولى، وقد ذكرنا هذا الموضع في سورة البقرة في موضع الخلع (٥)، فكان جميع ما وصفنا في كتاب الله تبارك اسمه أن الطلاق الذي أبيح إنما هو تطليق بعد تطليق، فكان ذلك نظرا لهم على ما وصفنا.

فإن طلق رجل ثلاثا في وقت واحد؛ لزمه ذلك، وكان قد أخطأ على نفسه، وأثم بربه عز وجل، حين لم يقبل ما أدبه به وعلمه إياه، فإن الله تبارك وتعالى يحب أن


(١) سورة البقرة (٢٣٠).
(٢) سورة البقرة (٢٢٩).
(٣) قال في غريب الحديث مادة: خلع: " يقال: خَلَع امرأته خُلْعا، وخَالَعَها مُخَالَعة، واخْتَلَعَت هي منه فهي خَالِع، وأصله من خَلْع الثوب، والخُلْع: أن يطلق زوجته على عوض تبذله له، وفائدته إبطال الرجعة إلا بعقد جديد".
(٤) سورة البقرة (٢٢٩).
(٥) عند قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [سورة البقرة: ٢٢٨] في اللوحة رقم: ٥٢.

<<  <   >  >>