للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١) فشَرْطُ المعروف يراد به النكاح الحلال، والعقد الصحيح بولي وإعلان، فهذا هو المعروف الذي شرَطَه الله عز وجل (٢)، فإن الظاهر ـ والله أعلم ـ يدل على أن أجلهن في هذا الموضع، هو الذي أبيح لهن فيه التزويج وهو ما بعد آخر العدة، وآخر العدة هو من العدة، وما بعدها ليس منها، وقد تأتي اختصارات يتسع القول فيها إذا فهم المعنى، فقوله في المتوفى {بَلَغْنَ} معلوم أنه خرجن، وقوله في المطلقة: {بَلَغْنَ} قاربن، ولهذا نظائر في القرآن قال الله عز من قائل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (٣) وإنما هو إذا أردت، وقال سبحانه: {إِذَا (٤) نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} (٥) إنما هو إذا أردتم مناجاة الرسول، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل} (٦) وإنما هو إذا أراد المجيء، وقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ثم قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (٧) وليس يكون ذلك فيمن طلق ثلاثا. وقال بعد ذكر المرتين: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٨) فعلم أنه التطليق


(١) سورة البقرة (٢٣٤).
(٢) أخرج الطبري في تفسيره (٣/ ٥٣٠) عن مجاهد والسدي نحو كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ في معنى المعروف في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
(٣) سورة الأعراف (٩٨).
(٤) (لوحة رقم [٢/ ٢٨٦].
(٥) سورة المجادلة (٩).
(٦) أخرجه البخاري [١٧٤ كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة] ومسلم [٢/ ٣٨٤ كتاب الجمعة] عن ابن عمر، به.
(٧) سورة البقرة (٢٢٨).
(٨) سورة البقرة (٢٢٩)

<<  <   >  >>