للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عز وجل: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} (١) فالإحصاء (٢) إنما يكون للشيء الذي إذا انقضى حلت للأزواج، وما قيل: قُبُل عدتهن، لم يجز أن يكون قبل الشيء إلا بعض الشيء، وليس هو مثل استقبال الشيء؛ لأن الإنسان يستقبل غيره، وقبله ودبره إنما هو بعضه، فكان ذلك كله مؤكدا للطهر أنه هو العدة التي تحصى، وفيما ذكرنا في سورة البقرة فيها كفاية إن شاء الله (٣).

قال الله سبحانه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٤)

قال مالك: الإشهاد على الرجعة واجب (٥)؛ لرفع الدعاوى، وتحصين الفروج والأنساب؛ لأن الطلاق إذا عُلِم وارتجع ولم يشهد، جاز للمرأة إذا انقضت عدتها أن تتزوج إذا لم يُعلم، ولم يُلتفت إلى دعواه قد ارتجعت.

وقد يجوز أن تكون المرأة ـ أيضا ـ تكرهه وتأباه، فتكره الرجعة، فلذلك ما أمر الله (٦) بالإشهاد فيها، ولا يجوز في الشهادة على الرجعة إلا شهادة ذوي عدل من الرجال، وليس يجوز في هذا شهادة النساء؛ لأن الله ـ عز وجل ـ دل على أقل ما يجزئ، كما دل في الأموال على أقل ما يجزئ من الشهادة،


(١) سورة الطلاق (١).
(٢) (لوحة رقم [٢/ ٢٨٧].
(٣) عند قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} في اللوحة رقم ٥٠.
(٤) سورة الطلاق (٢).
(٥) القول بوجوب الإشهاد أحد القولين عن الإمام مالك، إلا أنه لم يشتهر عند أصحابه من أئمة المذهب، ولذا لم يَنْسِبه إليه إلا بعضهم، وكثير منهم يحكيه قولا، ولا ينسبه إلى الإمام، وأما مشهور المذهب مما أخذ به أصحابه وجرى العمل به، استحباب الإشهاد من غير إيجاب.
ينظر: المدونة (٥/ ٣٢٤) والكافي لابن عبد البر (١/ ٢٦٤) وأحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٢٨٢) ومواهب الجليل (٥/ ٤١١) والتاج والإكليل (٤/ ١٠٢).
(٦) كذا في الأصل، وصوابه: حذف (ما) من قوله: ما أمر الله.

<<  <   >  >>