للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كان عبد الرحمن بن عوف، طلق تماضر بنت الأصبغ (١) طلقتين واحدة بعد الأخرى، وارتجع وقد كان قد آلى (٢) أن لا تسأله امرأة طلاقها إلا طلقها فسألته في غلبة فقال: إذا طهرت فأعلميني، فلما أعلمته طلقها (٣)، فهل طلاقه إلا بالآية التي عُلم الناس فيها الطلاق؟

وقد ظن قوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير نساءه في الطلاق (٤)، وهذا ظن سوء أن يظنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مخير في طلاق يكون ثلاثا؛ لأن الخيار ثلاث تطليقات، وإنما خيرهم بين الدنيا والآخرة، فإن اخترن الآخرة كن على ما كن عليه، ولهن ما اخترن، وإن أردن الدنيا واخترنها طلقهن حينئذ طلاق السنة التي علمه الله، ألا ترى إلى قوله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (٥) يريد فتعالين أي فعلن (٦) {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (٧) ألا ترى إلى جوابهن لما قلن: نختار الله ورسوله (٨)، فهذا هدى فافهم.


(١) هي: تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة الكلبية، تزوجها عبد الرحمن بن عوف، وأولدها أبا سلمة، ثم طلقها فنكحها الزبير بن العوام. ينظر: طبقات ابن سعد (٨/ ٣٩٧) والإصابة (٨/ ٥٦).
(٢) أي حلف، وذلك أنه قال: والله لئن سألتني الطلاق لأطلقنك، فقالت: والله لأسألنك. ينظر: طبقات ابن سعد (٨/ ٣٩٧).
(٣) أخرجه مالك [باب طلاق المريض برقم ١١٨٥] والبيهقي [٧/ ٣٦٢ كتاب الخلع والطلاق، ما جاء في توريث المبتوتة].
(٤) ينظر كلام المؤلف عن هذه المسألة في سورة الأحزاب عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} آية: ٢٨.
(٥) سورة الأحزاب (٢٨).
(٦) كذا رسمت في الأصل، ولم يظهر لي الوجه فيها، وربما كانت: فقلن).
(٧) سورة الأحزاب (٢٩).
(٨) تقدم في الأحزاب، ص: ٥٢٣

<<  <   >  >>