للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك: يؤمر بالإشهاد على الرجعة إذا وطئ ويؤخذ بذلك (١).

وإنما أعيد ذكر السكنى لتكون فيه فائدة غير الفائدة الأولى؛ لأن الأولى لا تخرجوهن ولا يخرجن، هي مثل الثانية، فلو لم تكن في الثانية إفراد المبتوتة لخلت من الفائدة، وصار التكرير لا فائدة فيه، وما أنتج الفائدة كان أولى أن يظن بكلام الله عز وجل، فعلم بذلك أن الأولى مخاطبة في اللواتي يملك الزوج الرجعة فيهن، ولم يحتج إلى ذكر النفقة؛ لأنها لم تسقط بكتاب الله عز وجل ولا سنة، وكانت الثانية مذكورا فيها السكنى؛ من أجل أنها مبتوتة قد سقطت نفقتها، فأكد أمر السكنى، وذكرت النفقة حيث يكون الحمل؛ لأن على الأب أن يغذو ولده.

ومما يدل على أن تعليم أول السورة، إنما قصد به الموضع الذي يقع فيه الطلاق، لمن يملك الواحدة والاثنتين والثلاث، أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قد كان طلق حفصة طلقة، فأمره الله تبارك وتعالى بارتجاعها (٢)، ثم نزل التخيير بين الدنيا والآخرة، فلو اخترن الدنيا لاحتاج أن يطلقهن في الطهر (٣) طلقة، فتكون حفصة مطلقة اثنتين، ولكن الله ـ عز وجل ـ (٤) فاخترن الآخرة (٥).


(١) تقدم الكلام على الإشهاد عند مالك ص ٤٠٢.
(٢) يشهد لهذا ما قول عمر - رضي الله عنه -: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها) أخرجه ابن حبان [١٠/ ١٠٠ كتاب الطلاق، باب الرجعة] والحاكم [٢/ ٢١٥ كتاب الطلاق] وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٣) (لوحة رقم [٢/ ٢٩٩].
(٤) كذا في الأصل، ويحتمل أن هناك سقطا يستقيم به الكلام نحو: (رحمهن) أو (هداهن).
(٥) تكلم المؤلف ـ رحمه الله ـ عن هذه المسألة في الأحزاب، عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} آية: ٢٨.

<<  <   >  >>