للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن طلق اثنتين فزوجته عنده على واحدة يريد أن يطلقها، فقيل للجماعة (١): إذا أردتم الطلاق فطلقوا في قُبُل العدة، فكان هذا الخطاب لمن يملك الرجعة ومن لا يملكها، ثم عاد الخطاب إلى الجميع فقيل: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} إلى قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (٢) يعني رجعة لمن له رجعة من سائر المطلقين، ثم خوطب من له رجعة بأن قيل له: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يعني قاربن: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٣) ارتجع إن شئت بِنِيّة الجميل، {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٤) ترك الرجعة وانقضاء العدة ثم قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} يعني على الطلاق والرجعة، إلى قوله سبحانه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٥) فكان هذا معطوفا على من طلق الثالثة التي لا رجعة عليها: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٦) ولم يجز أن يكون هذا عطفا على من له الرجعة فيها؛ لأن تلك زوجة نفقتها واجبة بالنكاح ولا تسقط عنه، وبينهما الموارثة، وحكمها حكم الزوجات، ولو وطئها لم يكن عليه حد.

وقد قال العراقيون: إن الوطء فيها رجعة (٧).


(١) الجماعة هنا يريد بهم من طلق مرة أو ثنتين أو ثلاث، فقصد المؤلف ـ رحمه الله ـ أن قوله تعالى في أول السورة: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} يعم كلَ مُطَلِقٍ امرأتَه.
(٢) سورة الطلاق (١)
(٣) سورة البقرة (٢٣١)
(٤) سورة الطلاق (٢)
(٥) سورة الطلاق (٦).
(٦) سورة الطلاق (٦).
(٧) ينظر: المبسوط (٦/ ١٩) واختلاف العلماء للمروزي (١/ ١٥٢)

<<  <   >  >>