للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: لا تخبري أحدا فوالله لا أمر بها، قال: فحدثني عمر أن حفصة لم تقر حتى أخبرت عائشة فتظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -? (١).

وقال مسروق: إنما كَفّر رسول الله للإيلاء ولم يكفر للحرام، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آلى وحرم (٢)، يريد حلف وحَرَّمَ، فقيل له: أما الحرام فحلال وأما اليمين فقد فرض الله لكم تحلة أيمانكم.

ذكر بعضهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم جارية له (٣).

وقال بعضهم: حرم شرابا (٤).

والحكم في ذلك واحد؛ لأن الأَمَةَ لا يكون فيها طلاق ولا تحرم، كما لا يحرم الشراب، ولعل القصتين جميعا قد كانتا، إلا أن أمر الجارية أشبه لقوله سبحانه: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} (٥) ولقوله عز من قائل: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} (٦) فكان ذلك في الأمة أشبه؛ لأن الرجل يغشى أمته في ستر ولا يشرب العسل في ستر؛ ولأن تحريم الأمة فيه مرضاة لهن (٧).


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ١٤٩) والدارقطني [٤/ ٤١ كتاب الطلاق والخلع والإيلاء] والبيهقي [٧/ ٣٥٢ كتاب الخلع والطلاق، باب من قال لأمته: أنت علي حرام] من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -، بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ١٤٧) والبيهقي [٧/ ٢٥٣ كتاب الخلع والطلاق، باب من قال لأمته: أنت علي حرام].
(٣) تقدم ذكر رواية ابن عباس الدالة على هذا، وممن قال به ـ أيضا ـ قتادة، ومجاهد، وعطاء، والحسن. ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ١٤٨) وأحكام القرآن للجصاص (٥/ ٣٦٢).
(٤) روي ذلك عن: عبد الله بن شداد، وابن أبي مليكة. ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ١٥٠).
(٥) سورة التحريم (١).
(٦) سورة التحريم (٣).
(٧) وهذا التعليل الذي ساقه المؤلف، لترجيح نزول الآية في شأن تحريم النبي - صلى الله عليه وسلم - لجاريته، قد أورده الجصاص في أحكام القرآن (٥/ ٣٦٢) مستظهرا ـ كما المؤلف ـ أن تكون الآيات نزلت لهذا السبب، على أن ابن حجر ـ رحمه الله ـ ساق في الفتح (٩/ ٢٩٠) عددا من الروايات في سبب نزول الآيات، ثم أعقبها بقوله: ويحتمل أن يكون مجموع هذه الأشياء كان سببا لاعتزالهن، وهذا هو اللائق بمكارم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، وسعة صدره، وكثرة صفحه، وأن ذلك لم يقع منه حتى تكرر موجبه منهن - صلى الله عليه وسلم - ورضى عنهن، ... والراجح من الأقوال كلها قصة مارية؛ لاختصاص عائشة وحفصة بها، بخلاف العسل فإنه اجتمع فيه جماعة منهن ـ كما سيأتي ـ ويحتمل أن تكون الأسباب جميعها اجتمعت، فأشير إلى أهمها، ويؤيده شمول الحلف للجميع ـ يريد الإيلاء ـ ولو كان مثلا في قصة مارية فقط؛ لاختص بحفصة وعائشة.

<<  <   >  >>