للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: اسْتُطِيرَ (١) أو اغْتِيلَ (٢)، فبتنا بِشرِّ ليلة بات بها قوم (٣) فلما أصبحنا، إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم، وأرانا نيرانهم، وسألوه الزاد فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعر علف لدوابكم، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تستنجوا بها فإنها طعام إخوانكم من الجن? (٤).

وقال سعيد بن جبير: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - حرست السماء، فقالت الشياطين: ما حرست إلا لأمر قد حدث في الأرض، فبعث سراياه في الأرض، فوجدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قائما يصلي صلاة الفجر بأصحابه بنَخْلَة (٥) وهو يقرأ، فاستمعوا حتى إذا فرغ ولوا إلى قومهم منذرين: {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا} حتى بلغ: {مُسْتَقِيمٍ} (٦).

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: (انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه عامدين إلى سوق عُكَاظ (٧)، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر الأرض،


(١) قال النووي في شرح مسلم (٣/ ١٧٠): " معنى استطير: طارت به الجن ".
(٢) قال النووي في شرح مسلم (٣/ ١٧٠): " معنى اغتيل: قتل سِرا، والغِيلة ـ بكسر الغين ـ هي القتل في خفية ".
(٣) لوحة رقم [٢/ ٣٠٧].
(٤) أخرجه مسلم [١/ ٢٧٨ كتاب الصلاة] عن عبد الأعلى، به.
(٥) نخلة: موضع يبعد عن مكة ليلة إلى الطريق نحو المدينة، وإليه ينسب بطن نخلة. ينظر: معجم البلدان (٥/ ٢٧٨) ومعجم ما استعجم (٤/ ١٣٠٤)
(٦) سورة الأحقاف (٢٩).
والأثر أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٢١٨) به.
(٧) سوق عكاظ: سوق من أسواق العرب في الجاهلية، بقرب الطائف، كان العرب يجتمعون فيه يتفاخرون ويناشدون الشعر، وسمي بذلك؛ لأن العرب كانت تجتمع فيه، فيعكظ بعضهم بعضا بالفخار، أي يدعك، وقيل: إنما هو من عكظ الرجل دابته يعكظها عكظا؛ إذا حبسها؛ وتعكظ القوم تعكظا؛ إذا تحبسوا ينظرون في أمورهم. ينظر: معجم البلدان (٤/ ١٤٢) ومعجم ما استعجم (٣/ ٥٩٥).

<<  <   >  >>