للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبرنا إسماعيل (١) حدثنا إبراهيم (٢) ومحمد بن يوسف (٣) عنه قال: نا علي بن عبد الله (٤) قال: نا سفيان (٥) قال: قال هشام بن عروة، عن أبيه، قال أُسَيد بن الحُضَير: جزاكِ الله خيرا ـ يعني عائشة ـ فما نزل بكِ أمر تكرهينه إلا جعل الله ـ تبارك وتعالى ـ فيه مخرجا، وجعل للمسلمين فيه خيرا (٦).

قال هشام (٧): سقطت قلادتها، فأنزل الله آية التيمم فقد بين أن التيمم نزل بالمدينة، بعد سنين من الهجرة، وقال ـ عز وجل ـ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (٨) فوجب أن يكون الماء مطهرا مادام اسمه اسم الماء، وحكمه حكمه، فإذا خالطه شيء يغلب على لونه، أو على طعمه، أو على رائحته؛ فقد زال اسمه وحكمه، لغلبة ما خالطه عليه، وانتقال الاسم، وصار الأخص به اسم النبيذ، قال الله ـ عز وجل ـ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (٩) فإذا لم يجد إنسان الماء الذي لا اسم له غير الماء، قام التيمم مقامه، وكان التيمم ـ الذي أمر الله به ـ ناسخا لأمر النبيذ لو كان أمر النبيذ صحيحا، ولكن الله ـ تبارك وتعالى ـ قد كفى ذلك بإنكار عبد الله (١٠) حضوره ليلة الجن، بأجود أسانيد الكوفيين (١١)، والله أعلم.


(١) هو: القاضي إسماعيل بن إسحاق.
(٢) هو: إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي، أبو عبد الله النحوي، الملقب بنفطويه، قال الخطيب: كان صدوقا، وله مصنفات كثيرة، منها: كتاب كبير في غريب القرآن، وكتاب التاريخ، توفي سنة ٣٢٣ هـ. ينظر: تاريخ بغداد (٦/ ١٦٠).
(٣) هو: محمد بن يوسف الزبيدي، أبو يوسف ولقبه: أبو حمة اليماني، صاحب أبي قرة، كان محدث اليمن في وقته ارتحلوا إليه لسماع السنن، قال في التقريب: صدوق، مات حدود سنة ١٤٠ هـ. ينظر: الثقات (٩/ ١٠٤) وتقريب التهذيب ص ٩١١.
(٤) هو: المديني، تقدم.
(٥) هو: ابن عيينة، تقدم.
(٦) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٢٦٨) عن ابن عيينة، به.
وهو عند البخاري [٧٢ كتاب التيمم، باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا] عن هشام، به.
(٧) هو: ابن عروة، تقدم.
(٨) سورة الفرقان (٤٨).
(٩) سورة المائدة (٦).
(١٠) هو: ابن مسعود - رضي الله عنه -، تقدم.
(١١) ذهب المؤلف ـ رحمه الله ـ إلى القول بنفي حضور عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ليلة الجن، مستندا على ما أخرجه مسلم، من نفي عبد الله بن مسعود لحضوره، وهذا ما قرره ـ أيضا ـ ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ٣١٦)، على أن الروايات في هذا الباب كثيرة، بعضها دال على ما ذكر المؤلف، وبعضها مخالف، وقد استوفى ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٥٥) كثيرا منها، ثم أعقب ذلك بقوله: " وأما ابن مسعود - رضي الله عنه - فإنه لم يكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حال مخاطبته للجن ودعائه إياهم، وإنما كان بعيدا منه، ولم يخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد سواه، ومع هذا لم يشهد حال المخاطبة، هذه طريقة البيهقي، وقد يحتمل: أن يكون أول مرة خرج إليهم لم يكن معه - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود - رضي الله عنه - ولا غيره، كما هو ظاهر سياق الرواية الأولى من طريق الإمام أحمد ـ وهي عند مسلم ـ ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى، والله أعلم"، ينظر كذلك ما ساقه البيهقي [١/ ٩ كتاب الطهارات، باب مع التطهر بالنبيذ].

<<  <   >  >>