للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا البيت يحتج به (١)؛ لقول الله عز وجل: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (٢).

وأما وضع الكلام مواضعه؛ فقد كان ينبغي لهذا الرجل ألا يظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتاج أن (٣) يوضأ (٤) بغسل ثيابه من البول وما أشبهه، وأول هذه السورة من أول ما نزل من القرآن، وذلك قبل نزول الشرائع والوضوء والصلاة.

وإنما تدل الآية آية (٥) الطهار من أوثان الجاهلية، والأعمال الخبيثة، ألا تراه عز وجل قال: {قُمْ فَأَنْذِرْ} بالجنة والنار، وادع إلى الله، وقلبك فطهر، والشيطان فاهجر {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} على أذى من يؤذيك، وكل هذا دليل على قلة معرفة هذا الرجل باللغة، فإن أصحابه يدعون له علمها، كما أن أبا حنيفة، ومحمد بن الحسن (٦)، وأصحابه، يدَّعون له علم اللغة، قالوا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (٧) أن ذلك في


(١) وجه الاحتجاج به على نصب المقيمين، قال الطبري في تفسيره (٤/ ٣٦٤): " نصب المقيمين على وجه المدح، قالوا: والعرب تفعل ذلك في صفة الشيء الواحد ونعته، إذا تطاولت بمدح أو ذم، خالفوا بين أوله وأوسطه أحيانا، ثم رجعوا بآخره إلى إعراب أوله ".
(٢) سورة النساء (١٦٢).
(٣) لوحة رقم [٢/ ٣١٢].
(٤) كذا في الأصل، وهو تحريف وصوابه: يؤمر، وذلك لأمرين:
الأول: أنه مقتضى السياق، ولفظ: يوضأ، لا يساعده السياق.
الثاني: أن الجصاص في أحكام القرآن (٥/ ٣٦٩) قد نقل هذا النص، عن كتاب القاضي إسماعيل فقال: " واحتج هذا الرجل: بأنه لا يجوز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحتاج إلى أن يؤمر يغسل ثيابه من البول وما أشبهه ".
(٥) كذا في الأصل، ولعله: أنه، بحيث يصير الكلام: وإنما تدل الآية أنه الطهار من أوثان الجاهلية ...
(٦) هو: محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله الكوفي، صحب أبا حنيفة ومحمد بن يوسف، أخذ عنه الشافعي فأكثر، وكان مع فقهه مَضْرِبَ المثلِ ذكاءً، توفي سنة ١٨٩ هـ. ينظر: طبقات الحنفية لأبي الوفاء ص ٤٢، وسير أعلام النبلاء (٩/ ١٣٥)
(٧) سورة المزمل (٢٠).

<<  <   >  >>