للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلاة الفريضة (١)، وقاله الشافعي (٢) ـ أيضا ـ ولم يعلم أنه من أول ما نزل من القرآن، فلم يعلموا أن ذلك نزل قبل الفرائض، وأنه معطوف على صلاة الليل، وأنه كلام مضمن بعضه من بعض، لا يشكل على ذي فهم، قال عز وجل: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} ثم قال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} (٣) يريد فصلوا ما تيسر لكم تخفيفا، لم يرد القرآن إنما أراد التخفيف من الصلاة، فكان أوجب عليهم إطاله الصلاة، ثم خفف عنهم ذلك من أجل المرض والسفر والقتال في سبيل الله، فقال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} (٤) أن بعض القراءة أبين من بعض وقال: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (٥) فعلم أن ناشئة الليل قيام الليل، ثم خفف عنهم القيام الذي كان عليهم للعلل التي وَصِفَت، ثم قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} أي فصلوا ما تيسر، واختُصِر الكلام في ذلك للمعرفة بالمعنى، ولو كان القصد في هذا التخفيف للقراءة؛ لكان فرض القيام على حاله لم ينسخ (٦)، إذ كان التخفيف إنما هو في


(١) قد تقدم له في سورة المزمل عند هذه الآية، ذكر قول الأحناف ومذهبهم.
(٢) يشير إلى قول الشافعي في الاستدلال بقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} على إزالة النجاسات من الثوب والبدن، وقد تقدم له قريبا ذكر ذلك في أول كلامه عن هذه الآية.
(٣) سورة المزمل (٢٠)، وفي الأصل كتب: ما تيسر منه.
(٤) سورة المزمل (٤).
(٥) سورة المزمل (٦).
(٦) أي: لكان خفف الله عنهم القراءة وأبقى فرض قيام الليل على ما شُرع ابتداء.

<<  <   >  >>