(٢) يشير إلى ما أخرجه البخاري [١٢٠٠ كتاب الأضاحي، باب من ذبح قبل الصلاة أعاد] ومسلم [٣/ ١٢٣٤ كتاب الأضاحي] من حديث البراء بن عازب، ولفظه: قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا؛ فلا يذبح حتى ينصرف، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله فعلت، فقال: هو شيء عجلته، قال: فإن عندي جذعة هي خير من مسنتين أأذبحها، قال: نعم، ثم لا تجزي عن أحد بعدك. (٣) ذهب المؤلف رحمه الله إلى تخصيص عموم الآية، فرجح أن المراد بالصلاة هنا صلاة عيد الأضحى، وأن المراد بالنحر الأضحية بعدها، تبعا لقول الإمام مالك، وخالفه ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ٤٥٩) فقوى بقاء الآية على عمومها، وعلل ذلك بأن الله تعالى أخبر أنه خص نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالكوثر، وأمره بإزاء ذلك أن يصلي وينحر، وبعيد أن يكون هذا الفضل العظيم يوازيه صلاة يوم النحر وذبح أضحية، يقول ـ رحمه الله ـ " والذي عندي: أنه أراد اعبد ربك وانحر له، ولا يكن عملك إلا لمن خصك بالكوثر، وبالحري أن يكون جميع العمل يوازي هذه الخصيصة من الكوثر، ... أما أن يوازي هذا صلاة يوم النحر وذبح كبش أو بقرة أو بدنة؛ فذلك بعيد في التقدير والتدبير وموازنة الثواب للعباد " وهذا المعنى أيضا استند عليه الطبري في ترجيح بقاء الآية على عمومها قال ـ رحمه الله ـ" وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال معنى ذلك فاجعل صلاتك كلها لربك، خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرا له على ما أعطاك من الكرامة، والخير الذي لا كفء له، وخصك به من إعطائه إياك الكوثر، وإنما قلت ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر نبيه بما أكرمه به من عطيته وكرامته وإنعامه عليه بالكوثر، ثم أتبع ذلك قوله فصل لربك وانحر، فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له والنحر، على الشكر له على ما أنعمه من النعمة التي أنعمها عليه، بإعطائه إياه الكوثر، فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض، وبعض النحر دون بعض وجه، إذ كان حثا على الشكر على النعم" تفسير الطبري (١٢/ ٧٢٤).