للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخشى الخلق لله: الأنبياء عليهم السلام، ثم الصديقون، ثم الأمثل فالأمثل، على قدر علمهم به، خشيتهم ومراقبتهم له" (١) ولم يذكر غير هذا، وكذلك وقع له عند قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} (٢) قال: " قال عكرمة: نطفة ثم علقة ثم مضغة. وقال الحسن: الأمشاج اختلاط ماء الرجل وماء المرأة، وقال ـ أيضا ـ: مشيج ـ والله ـ من أقذار كثيرة. وقال مجاهد: ألوان. وقال قتادة: خلقناهم مما يعلمون، قال: خُلقت يا بن آدم من قذر، فاتق الله يا ابن آدم. وقال أبو بكر الصديق على المنبر: يا بن آدم اعرف نفسك، فإنك خلقت من أقذار، من نطفة جرت مجرى البول، فخالط رطب رطبا، ثم علقة نجسة " (٣).

وقد كان في أغلب تفسيره للآيات يستفتحها بأقوال السلف وآثارهم من الصحابة والتابعين لهم، يقدم هؤلاء مرة ويؤخر هؤلاء مرة، وله في هذا الباب عناية خاصة، إذ كان يكثر من ذكر أقوالهم وآرائهم ـ وفي الحق ـ فقد كان نقله واعيا راشدا، لم يكتف بمجرد السرد والرواية، بل تراه يتعقب الرواية بما يقيدها أو يخصصها أو يوضحها، وفي أحيانٍ أخرى قد يتعقبها بالرد والتخطئة (٤).

وهو وإن كان يكثر من الآثار عن السلف، فربما اكتفى في عدد من المواضع بذكر بعضها، وتَرْكِ ذكر باقيها.

ومن سياق تلك الآثار يفهم القارئ المسألة التي يقصد الكلام عنها، ولذا فقد كان كثيرا ما يتبعه بذكر الخلاف بين الفقهاء في المذاهب المشهورة، ولا سيما مع الأحناف والشافعية،


(١) ينظر من هذه الرسالة: سورة فاطر الآية (٢٨).
(٢) سورة الإنسان (٢).
(٣) ينظر من هذه الرسالة: سورة الإنسان الآية (٢).
ينظر كذلك: سورة الإسراء (٨٩) الحج (٣٢)
(٤) سأذكر في المطلب التالي ـ إن شاء الله ـ عددا من الأمثلة على هذا الأمر. .

<<  <   >  >>