للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأغراض التي لأجلها يحتكم المؤلف إلى لغة العرب، ويرجع إلى فرسانها؛ عند توضيح أسلوب قراني، كالذي وقع له عند قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} (١)، حيث قال: " قال أبو عبيدة: معنى هل ليس باستفهام؛ إنما قد أتى على الإنسان، أو على التقرير، كما يقول الإنسان للإنسان: هل فعلت كذا، أما فعلتُ بك كذا، قال جرير:

ألستم خيرَ من ركب المطايا ... وأندى العالَمِين بُطونَ رَاح

فلفظ بحرف الاستفهام، وإنما يريد الإيجاب، وهذا مشهور في كلام العرب" (٢).

٣. الاحتكام عند الخلاف إلى لغة العرب.

وصورة من صور عناية المؤلف بلغة العرب، ونَقَلَتِها الذين كانوا أعلَمَ الناس بها، أنه ربما احتكم إلى قولهم عند اختلاف كلام السلف في أحد المعاني، كما وقع في معنى الحواريين الوارد ذكرهم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} (٣) حيث ذكر الخلاف في المراد بهم، ثم أتبعه بقوله: " وقال أبو عبيدة: الحواريون هم صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم، والحواريات من النساء اللاتي لا ينزلن البوادي وينزلن القرى، قال الشاعر:

وقل للحواريات يبكين غيرنا ... ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح


(١) سورة الإنسان (١).
(٢) ينظر من هذه الرسالة: سورة الإنسان الآية رقم (١).
(٣) سورة الصف (١٤).

<<  <   >  >>