للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالوا ذلك له حلال (١).

قال القاضي -رحمه الله -: فأما حلال فلا وجه لذكره؛ لأن العين لا تنتقل من التحريم إلى التحليل، هي محرمة العين مباحة الأكل لمن اضطر إليها، ألا ترى إلى قوله: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢)، فما عفي عنه، وغفر، وأزيل فيه المأثم، خارج عن المحللات إلى الإباحة بالشرط، فإذا وقعت الإباحة كان الشبع حلالاً. والله أعلم (٣).


(١) مسألة قدر ما يؤكل من الميتة، قال ابن قدامة: يباح له أكل ما يسد الرمق , ويأمن معه الموت بالإجماع. ويحرم ما زاد على الشبع , بالإجماع أيضا. وفي الشبع روايتان ; أظهرهما , لا يباح. [المغني: ١٣/ ٣٣٠]، وهو قول الأحناف [أحكام القرآن للجصاص: ١/ ١٨٢]، وبه قال بعض أصحاب مالك [أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٨٢، وبداية المجتهد: ١/ ٥٨٥]، وأحد الأقوال عن الشافعي، قال النووي: وفي حال الشبع ثلاثة أقوال: ثالثها: إن كان قريباً من العمران لم يحل، وإلا فيحل، ورجح القفال وكثير من الأصحاب المنع، ورجح صاحب الإفصاح والروياني وغيره: الحل، هكذا أطلق الخلاف أكثرهم. وفصّل الإمام والغزالي تفصيلاً حاصله: إن كان في بادية وخاف إن ترك الشبع لايقطعها ويهلك، وجب القطع بأنه يشبع، وإن كان في بلد وتوقع الطعام الحلال قبل عودة الضرورة، وجب القطع بالاقتصار على سد الرمق، وإن كان لا يظهر حصول طعام حلال، وأمكنه الرجوع إلى الحرام مرة بعد أخرى، إن لم يجد الحلال، فهو موضع الخلاف.
قلت: هذا التفصيل هو الراجح، والأصح من الخلاف: الاقتصار على سد الرمق. [روضة الطالبين: ٣/ ٢٨٣]
(٢) [سورة البقرة: الآية ١٧٣]
(٣) لا يلزم من وقوع الإباحة أن الشبع حلال؛ لأن شرط الإباحة وهو الاضطرار قد زال بسد الرمق.

قال ابن المنذر بعد ذكره لقول الأحناف: وهذا أصح؛ لأن الميتة إنما أبيحت له في حال الاضطرار، فإذا أكل منها ما يزيل تلك الحال عنه رجع الأمر إلى التحريم.
[الإقناع: ٢/ ٦٢٨].

<<  <   >  >>