للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تميزت هذه المدرسة بعدة مزايا منها:

التأصيل، حيث كان اهتمام علماء هذه المدرسة منصباً على تأصيل الأصول وتقعيد القواعد، وكان هذا قائماً أولاً على ما لديهم من تصريحات الإمام بأصوله وقواعد مذهبه، وقائماً ثانياً على دراسة فتاويه وأقواله، والحث عن أدلتها ومصادرها التي يظن أنها استقيت منها، ثم مقارنتها وتنظيرها، ثم استخلاص قاعدة عامة يقع تقريرها بأنها أصل من أصول المذهب.

وهناك جانب آخر في التأصيل وهو الاستدلال للمسائل الفقهية، سواء التي أفتى بها الإمام، أو التي خرجوها على ما أفتى به، أو استنبطوها من أصوله، وهذا الاستدلال قائم على بيان أدلتها، وتعليل أحكامها. (١)

الخلاف والجدل: فقد كانت بغداد موطناً لمذاهب فقهية متنافسة، كالمذهب الحنفي، والشافعي، والحنبلي، والظاهري، والمالكي.

هذا التعدد في المذاهب الفقهية، والتأثر بالبيئة العلمية في بغداد القائم على الرأي كان له الأثر الواضح في كون الخلاف والجدل من مميزات المدرسة المالكية العراقية، حيث كان علماء كل مذهب يسعون لنشر مذهبهم، وبيان صحة أصولهم وأقوالهم، فكان للمالكية دور بارز في هذا المضمار، حيث كانت مؤلفاتهم مطبوعة بهذا المنهج، القائم على المقارنة والنقض والاستدلال، ولعل ذلك يلحظ من خلال مؤلفات علماء تلك المدرسة، وانتشار كتب الرد على المخالفين، فمن ذلك على سبيل المثال: كتاب الرد على محمد بن الحسن، والرد على الشافعي، والرد على أبي حنيفة، للقاضي إسماعيل بن إسحاق (٢)، كما ألف القاضي بكر بن العلاء: كتاب الرد على المزني، وكتاب الأشربة في نقض كتاب الأشربة للطحاوي. (٣)

إذاً فقد تميزت هذه المدرسة بميلها إلى التحليل المنطقي للصور الفقهية، والاستدلال الأصولي، وذلك بإفراد المسائل، وتحرير الدلائل على رسم الجدليين، وأهل النظر من الأصول. (٤)


(١) أسباب تعدد المدارس في المذهب المالكي: ٣٧.
(٢) ترتيب المدارك: ٤/ ٢٧١.
(٣) المرجع السابق: ٥/ ٢٧١.
(٤) أسباب تعدد المدارس في المذهب المالكي: ٤٨، اصطلاح المذهب عند المالكية: ٦٧، وانظر أيضاً: المدرسة البغدادية للمذهب المالكي: ١٩٨ - ٢٧٨ حيث تحدث عن منهج المدرسة البغدادية المالكية في الاختيارات الفقهية والأصولية، ومنهجها في التصنيف.

<<  <   >  >>