للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزعم غيرنا أنه يقضى بالشاهد مع اليمين، وهو مع ذلك يدعي من علم القرآن ما لم نر أحداً ادعاه، ثم يقول مع ذلك: إنه لا يحكم بالمرأتين واليمين (١)، فكأنه جعل ما أمر الله به وثيقة لا وثيقة، وقد قال تبارك وتعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (٢) ولم يختلف الفقهاء أن ذلك ليس على عدم الرجلين فتُشهد المرأتين عند عدم أحد الرجلين (٣)، وإنما هو إن لم يحضر رجلان وحضر رجل وامرأتان فأشهدهم (٤)، فإن كانت المرأتان تقومان مقام رجل فاليمين معهما واجبة كوجوبها مع الرجل، وإن كانتا تنقصان عن الرجل فقد صار الرجل مع المرأتين شهادته شهادة رجل وبعض رجل آخر، وهذا ما لا وجه له، ولا يقوله أحد من أهل العلم، ولا يسوغ في عقل (٥).

وقد اختلف أيضاً في الرهن (٦)


(١) يقصد بذلك الإمام الشافعي رحمه الله، وفيه عرَّض بإمام جليل عفا الله عنه، وانظر كلام الإمام الشافعي في هذه المسألة: الأم: ٧/ ٣، ووافقه الحنابلة: ١٤/ ١٣٢.
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٣) كذا في الأصل، ولعل الصواب: فتُشهد المرأتين عند عدم الرجلين.
(٤) قال ابن عطية: والمعنى في قول الجمهور: فإن لم يكن المستشهد رجلين، أي إن أغفل ذلك صاحب الحق، أو قصده لعذر ما، وقال قوم: بل المعنى فإن لم يوجد رجلان، ولا يجوز استشهاد المرأتين إلا مع عدم الرجال، وهذا قول ضعيف ولفظ الآية لا يعطيه بل الظاهر منه قول الجمهور. [المحرر الوجيز: ٢/ ٢٦٣].
(٥) فيما ذكر المؤلف نظر، قال الشافعي: ومن قال: امرأتان تقومان مقام الرجل، قيل: إذا كانتا مع رجل، ولزمه عندي أن يقول: لو شهد أربع نسوة لرجل بحق أخذه، كما يأخذه بشاهدين، وشاهد وامرأتين ولا أحسب أحدا يقول بهذا القول. [الأم: ٧/ ٣].
(٦) قدم المؤلف هذه المسألة مع أن حقها التأخير عند قوله: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣].
الرهن لغة: الراء والهاء والنون أصل يدل على ثبات شيء يُمسك بحق أو غيره، والشيء الراهن: الثابت الدائم.
[مقاييس اللغة: ٤٠٧].
وشرعاً: احتباس عين وثيقة بالحق ليستوفى الحق من ثمنها أو من ثمن منافعها عند تعذر أخذه من الغريم.
[المغني: ٦/ ٤٤٣، تفسير القرطبي: ٣/ ٤٠٩]

<<  <   >  >>