للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (١) فمعناه - والله أعلم، وإن كان التفسير فيه اختلاف (٢) فإن أحسنه -: ولا يضار كاتب فيكتب ما ليس بحق، أو يفسد ما يكتبه ليبطل به الحق، ولا يضار * الشهيد بالامتناع من إقامة الشهادة في الوقت الذي يرجو به وصول الحق إلى مستحقه (٣)، ولا يكتب الكاتب غير الذي أملي عليه، ولا يُحول الشاهد شهادته من كتاب إلى كتاب ليصير الحق حقين.

قال الله تعالى: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} (٤) والفسوق الكذب والعدول عن الواجب (٥)، فيفسق الكاتب فيفسد كتابه، ويفسق الشاهد فيحول شهادته، وقال


(١) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٢) في هذه الآية ثلاثة أقوال: الأول: لا يضار كاتب فيكتب ما لم يمل عليه، ولا شهيد فيشهد بما لم يستشهد، وهذا قول طاوس، والحسن، وقتادة، وابن زيد. الثاني: ألا يضار الكاتب بأن يمتنع عن الكتابة، والشاهد عن الشهادة، وهذا قول: ابن عباس، وعطاء، ومجاهد. الثالث: لا يضار المستكتب والمستشهد الكاتب والشهيد، بأن يدعو الكاتب والشهيد وهما مشغولان معذوران، وهذا يروى عن: ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، والسدي، وهذا ما رجحه ابن جرير.
[تفسير الطبري: ٣/ ١٣٤، أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٣٤٢].
* لوحة: ٦٩/ب.
(٣) في الأصل: إلى حقه، ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) [سورة البقرة: الآية ٢٨٢]
(٥) الفاء والسين والقاف كلمة واحدة وهي: الفسق، وهو الخروج عن الطاعة.
[مقاييس اللغة: ٨١٧].

<<  <   >  >>