للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*فلما نزلت على نبينا - صلى الله عليه وسلم - جزع أصحابه منها كجزع من تقدمهم، فاستكانوا لها مِنّة من الله عليهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قولوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، فأنزل الله تبارك وتعالى: ... {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (١)، ثم أنزل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٢) يريد ما عملت دون ما حدثت به أنفسها، ثم أمرهم فقال قولوا: ... {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (٣) (٤). فالإصر هو: ما أتته الأمم وهو الخطأ والنسيان، وما أراده الإنسان بقلبه ولم يفعله، فألزموه (٥)، فقال الله عز وجل لما دعا نبينا - صلى الله عليه وسلم -: قد فعلت (٦). ورفع الإصر عنا، وذلك من نعم الله التي لا يؤدى شكرها، والحمد لله كما هو أهله.


(١) [سورة البقرة: الآية ٢٨٥]
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٨٦]
(٣) [سورة البقرة: الآية ٢٨٦]
(٤) رواه مسلم في صحيحه: ١/ ١١٥ كتاب الإيمان حديث: ١٩٩.
(٥) الإصر هو: العهد، والخطأ والنسيان من أسباب تضيع هذه العهود والمواثيق وعدم القيام بها.
[تفسير الطبري: ٣/ ١٥٦، أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٧٣٥].
(٦) رواه مسلم في صحيحه: ١/ ١١٦ كتاب الإيمان حديث: ٢٠٠.

<<  <   >  >>