للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أنزل الله الحدود والأحكام على العموم بين الناس، فليس يجوز أن يترك الآن حكم الله في حرم ولا غير حرم؛ لأن الذي حرّم الحرم هو الذي حرم معاصيه أن ترتكب، وأوجب فيها من الأحكام ما أوجب. وإنما معنى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (١) أي: آمناً من العادة التي كانت بين القبائل (٢).

قال الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٣) فقيل: يا رسول الله أفي كل عام؟ قال: لا، ولو قلتها لوجبت، الحج مرة واحدة فمن زاد فهو متطوع (٤).


(١) [سورة آل عمران: الآية ٩٧]
(٢) ما ذهب إليه المؤلف هنا من أن من أتى جناية ثم دخل الحرم فإنه يستوفى منه، هو قول مالك والشافعي سواء كان هذه الجناية في النفس أو ما دونها، وذهب جملة من أهل العلم إلى أن من أتى جناية توجب قتلاً خارج الحرم ثم لجأ إليه لم يقتص منه ما دام فيه، ولكنه لا يبايع ولا يؤاكل إلى أن يخرج من الحرم فيقتص منه، وإن كانت جنايته فيما دون النفس ثم دخل الحرم اقتص منه، وهذا قول ابن عباس، وعطاء، وعبيد بن عمير، ومجاهد، والزهري، والشعبي، وإسحاق، وأبي حنيفة وأصحابه، ومذهب أحمد إلا أن الرواية اختلفت عنه فيما دون النفس، ففي رواية يستوفى، ورواية لا يستوفى.
وقد رجح هذا القول ابن جرير، والشنقيطي.
وهذا الخلاف فيمن جنى جناية خارج الحرم ثم لجأ على الحرم، وأما الجاني في الحرم فلا خلاف بين أهل العلم أنه مأخوذ بجنايته في النفس وما دونها.
تفسير الطبري: ٤/ ١٤، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٣٣، أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٣٧٣، المغني: ... ١٢/ ٤٠٩، تفسير القرطبي: ٤/ ١٤١، روضة الطالبين: ٩/ ٢٢٤، أضواء البيان: ٦/ ١٢٦.
(٣) [سورة آل عمران: الآية ٩٧]
(٤) سبق تخريجه ص: ٢٣٧.

* لوحة: ٧٢/أ.

<<  <   >  >>