للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

*، قالت عائشة - رضي الله عنها -: وقول الله عز وجل في الأخرى (١): {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (٢): رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا فيه من أجل مالها وجمالها من يتامى النساء، إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن، يعني: في الحال الأخرى (٣).

قال القاضي: وفي هذه الآيات روايات يقرب بعضها من بعض، ويقرب مما ذكر عن عائشة - رضي الله عنها - (٤).


(١) في الأصل: الأولى، والصواب: ما أثبت، كما ورد في روايات هذا الأثر، فإن الآية التي ذكرت عائشة ليست هي الأولى لا في ترتيب السورة ولا في ورودها في الأثر.
(٢) [سورة النساء: الآية ١٢٧]
(٣) رواه البخاري في صحيحه: ٢/ ٨١٣ باب شركة اليتيم وأهل الميراث كتاب الشركة، و ٣/ ١٠١٦ باب قوله: وآتوا اليتامى من كتاب الوصايا، و ٤/ ١٦٦٨ التفسير سورة النساء، و ٥/ ١٩٥٨ باب الأكفاء في المال وتزويج المُقل المُثرية من كتاب النكاح، و ٥/ ١٩٧٥ باب تزويج اليتيمة كتاب النكاح، و ٦/ ٢٥٥٤ باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وألا يكمل لها صداقها من كتاب الحيل، ومسلم في صحيحه: ٤/ ٢٣١٣ كتاب التفسير حديث: ٦.
(٤) روي عن عائشة - رضي الله عنها - روايات أخرى يرجع معناها إلى ما روي عنها هنا، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: ٤/ ١٦٦٨ التفسير سورة النساء عن عائشة: أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق، وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء، فنزلت هذه الآية.
وروى ابن جرير في تفسيره: ٤/ ٢٣٢ عن عائشة أنها قالت نزلت هذه الآية: في اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه، ثم يضر بها ويسيء صحبتها فوعظ في ذلك. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره: ٣/ ٨٥٧، والدارقطني في سننه: ٣/ ٢٦٦ كتاب النكاح حديث: ٧٩.
وقد روي في تفسير هذه الآية غير ما ذكر عن عائشة، ومن ذلك: أن القوم كانوا يتحرجون في أموال اليتامى ألا يعدلوا فيها، ولا يتحرجون في النساء ألا يعدلوا فيهن، فقيل لهم: كما خفتم ألا تعدلوا في اليتامى فكذلك فخافوا في النساء ألا تعدلوا فيهن، ولا تنكحوا منهن إلا من واحدة إلى أربع. وهذا يروى عن ابن عباس، وابن جبير، والضحاك، والربيع، والسدي، وقتادة، وهذا ما رجحه ابن جرير.
وقيل: إن الرجل من قريش كان يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل فإذا صار معدماً مال على مال يتيمه الذي في حجره، فأنفقه أو تزوج به، فنهوا عن ذلك. وهذا مروي عن: ابن عباس، وعكرمة.
وقيل المعنى: فكما خفتم في اليتامى فكذلك فتخوفوا في النساء أن تزنوا بهن، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء. وهذا مروي عن مجاهد. قال الشنقيطي: وهذا أبعد الأقوال فيما يظهر.
[تفسير عبد الرزاق: ١/ ١٤٥، سنن سعيد بن منصور: ٣/ ١١٤٣، تفسير الطبري: ٤/ ٢٣٢، تفسير ابن أبي حاتم: ٣/ ٨٥٧، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٧٥، زاد المسير: ٢/ ٦، أضواء البيان: ١/ ٣٦٨].

<<  <   >  >>