للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: قال القاضي إسماعيل: إنما أذن الله تبارك وتعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في القتال بعد قدومه المدينة، ثم أمره بالقتال على أحوال كانت، فكان يؤمر فيها بعينها فمنها والله أعلم هذه الآية التي ذكرناها وغيرها، ثم نسخ ذلك كله وأمر بقتال المشركين كافة وقتال أهل الكتاب.

قال القاضي: فقد يجوز أن يكون كما ذكره إسماعيل، ويدخل في معناه ما قدمنا ذكره.

وقال في موضع آخر: وقد قال قوم، وقرأوا: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} (١) يريد تزوجن. وهذا تأويل من لم يعرف قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها. وهذا على العموم، وقد أنكر إسماعيل القاضي: (أحصن) أسلمن، لأن الله عز وجل ذكر في أول الآية: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (٢) فاستُغني بذلك. وهذا مما لا ينبغي له أن ينكره مع علمه باللغة واتساعه فيها، أن يقول الله عز وجل: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (٣) فإذا أحصن بالإسلام. فقد قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٤)، ونظائر هذا في القرآن كثير، قال الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (٥) وفي هذا كفاية، ثم قال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (٦).

وجعل إسماعيل حجته في حد العبد والأمة الحديث دون الآية، والحديث يزيد الآية، ويبين ما فيها والله أعلم، وكان بنص فرآه بذلك.


(١) [سورة النساء: الآية ٢٥] انظر من هذه الرسالة ص: ٥١٢.
(٢) [سورة النساء: الآية ٢٥]
(٣) [سورة النساء: الآية ٢٥]
(٤) [سورة النساء: الآية ١٣٦]
(٥) [سورة البقرة: الآية ٢٢٢]
(٦) [سورة البقرة: الآية ٢٢٢]

<<  <   >  >>