للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢. تفسير أسلوب قرآني بمثله في آية أخرى، ومن الأمثلة عليه: ما ذكره المؤلف بقوله: قال القاضي: فقد جاء الاختلاف في الحاج يحصر على ما وصفنا، وقد قال الله عز وجل: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (١)

فلولا أنا قد علمنا أن هذه الفدية لكل محرم أصابه أذى من رأسه لكان الظاهر يدل على أن هذا إنما أنزل في المحصر خاصة، وكذلك: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١) استعملها الناس في كل محرم ساق الهدي، وأنه لا ينبغي أن يحلق حتى ينحر هديه، وهذا النحو يأتي في القرآن كثير يذكر القصة ثم يذكر بعدها أمور أخرى ثم يعاد إلى القصة الأولى، قال الله عز وجل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (٢) ثم ذكر بعد هذا القسم قصة أصحاب الأخدود، ثم قال: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (٣) وقال: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)} (٤) إلى قوله: {لِذِي حِجْرٍ} (٥) ثم ذكر بعد ذلك ما ذكرتم، ثم قال: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (٦) هذا هو القسم، وقال: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (٧) فعلم أنه عنا بقوله (إلا قليلاً) عطفاً على (لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلاً)، ولولا فضل الله عليهم ورحمته لاتبعوا الشيطان كلهم.


(١) [سورة البقرة: الآية ١٩٦] انظر من هذه الرسالة ص: ٢٤٨ ..
(٢) [سورة البقرة: الآية ١٩٦]
(٣) [سورة البروج: الآيات ١ - ٣]
(٤) [سورة البروج: الآية ١٢]
(٥) [سورة الفجر: الآيتان ١ - ٢]
(٦) [سورة الفجر: الآية ٥]
(٧) [سورة الفجر: الآية ١٤]
(٨) [سورة النساء: الآية ٨٣]

<<  <   >  >>