للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما قيل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) ثم ذكر بعد ذلك ما ذكر، ثم قيل: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢) أعيد ذكر ذلك الهدي للتراخي وللكلام الذي وقع بين ذلك.

ومثال آخر: قال الله تبارك وتعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٣).

بدأ الله بذكر الوصية قبل الدين لفظاً، واللفظ لا يوجب التبدئة، وإنما يوجب الكلام إخراج الوصية والدين، فكانت البغية الأمر بإخراجهما ووضعهما في مواضعهما؛ لأن قوله من بعد كذا وكذا يريد عز وجل: أن ما بعد هذين الصنفين موروث، قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} (٤) أي: لا تطع أحداً من هذين الصنفين، وقد يقول الرجل مررت بفلان وفلان ويكون الثاني هو المبتدأ به، كما يجوز أن يكون الأول، وهذا اللفظ لا يقتضي التبدئة، وإنما يقتضي الأفعال، قال الله تبارك وتعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (٥) فعلم أنها أمرت بذلك كله، ولم تؤمر بالتبدئة. (٦)


(١) [سورة البقرة: الآية ١٩٦]
(٢) [سورة البقرة: الآية ١٩٦]
(٣) [سورة النساء: الآية ١٢] انظر من هذه الرسالة ص: ٤٧٣.
(٤) [سورة الإنسان: الآية ٢٤]
(٥) [سورة آل عمران: الآية ٤٣]
(٦) انظر من هذه الرسالة أيضاً ص: ٥١٣، ٦٠٦، ٦١٠، ٦٢٨.

<<  <   >  >>