للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالخصاء تغيير للخلق، غير أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك لتحريم ولا تحليل، ... وإنما يفعله الناس بالأنعام لتطيب لحومها، أو لغير ذلك مما يقصدون به صلاحهم (١)، وإنما كان تغيير الخلق الذي يأمرهم به الشيطان - فيما أرى والله أعلم - نحو ما كانوا يمنعون من البحائر وما أشبهها، فيبتكون (٢) الأذان، ويشقون الجلود، ويحرمون ... ما يفعلون به ذلك على أنفسهم، ويتقربون به إلى آلهتهم، قال الله تبارك وتعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} (٣).


(١) قال القرطبي: وأما خصاء البهائم فرخص فيه جماعة من أهل العلم إذا قصدت فيه المنفعة إما لسمن أو غيره، والجمهور من العلماء وجماعتهم على أنه لا بأس أن يضحي بالخصي، واستحسنه بعضهم إذا كان أسمن من غيره، ورخص في خصاء الخيل عمر بن عبد العزيز، وخصى عروة بن الزبير بغلاً له، ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم، وإنما جاز ذلك لأنه لا يقصد به تعليق الحيوان بالدين لصنم يعبد ولا لرب يوحد، وإنما يقصد به تطييب اللحم فيما يؤكل، وتقوية الذكر إذا انقطع أمله عن الأنثى، ومنهم من كره ذلك.
[الجامع لأحكام القرآن: ٥/ ٣٩٠].
(٢) أي يشقون ويقطعون، فالبتك هو القطع. [مقاييس اللغة: ٩٥].
(٣) [سورة المائدة: الآية ١٠٣]

<<  <   >  >>