للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال مجاهد: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته، فيخرج من عنده فيقول: قد أساء ضيافتي، ولم يحسن (١). فكره له ذلك؛ إذ كان ذلك ليس بواجب عليه، وإنما هي مكرمة من أتاها جاز ثوابها، ومن بخل لم يجز ذكره بالسوء، وكان السكوت ... أوجب (٢).

قال الله عز وجل: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (٣).


(١) تفسير عبد الرزاق: ١/ ١٧٦، سنن سعيد بن منصور: ٤/ ١٤٢٣، الزهد لهناد بن السري: ٢/ ٥١٣، تفسير الطبري: ٦/ ٢، تفسير ابن أبي حاتم: ٤/ ١١٠٠.
(٢) قال الجصاص بعد ذكره لهذا القول: إن كان التأويل كما ذكر فقد يجوز أن يكون ذلك في وقت كانت الضيافة واجبة، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة)، وجائز أن يكون فيمن لا يجد ما يأكل فيستضيف غيره فلا يضيفه، فهذا مذموم يجوز أن يشكى، وفي هذه الآية دلالة على وجوب الإنكار على من تكلم بسوء فيمن كان ظاهره الستر والصلاح؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه لا يحب ذلك، وما لا يحبه فهو الذي لا يريده، فعلينا أن نكرهه وننكره، وقال إلا من ظلم فما لم يظهر لنا ظلمه فعلينا إنكار سوء القول فيه.
[أحكام القرآن: ٢/ ٤١١].
=وقال القرطبي: وقد استدل من أوجب الضيافة بهذه الآية، قالوا: لأن الظلم ممنوع منه، فدل على وجوبها، وهو قول الليث بن سعد، والجمهور على أنها من مكارم الأخلاق، والذي يقتضيه ظاهر الآية أن للمظلوم أن ينتصر من ظالمه ولكن مع اقتصاد إن كان مؤمناً، فأما أن يقابل القذف بالقذف ونحوه فلا. [الجامع لأحكام القرآن: ٦/ ٢].
(٣) [سورة النساء: الآية ١٧٦]

<<  <   >  >>