فإن هذه الأحاديث تُحمل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد صلى الركعتين بعد العصر قضاءً لراتبتي الظهر البعديتين عندما شُغِل عنهما مرة فلم يصلهما، فصلاهما عقب صلاة العصر ثم استمر يصليهما عقب صلاة العصر، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى صلاة داوم عليها، وهذا من خصوصياته لا يُقتدى به فيه. وقد رأى عدد من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، فظنوا أنه من المباحات أو المسنونات اقتداء به، فنقلوا ما شاهدوه وأفتَوا بمشروعيته، ونبسط الحديث في هذا الموضوع كما يلي:
أ- إن عائشة رضي الله عنها كانت ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين عقب العصر، ولما لم تكن تعلم سببهما فقد ظنتهما سُنَّةً لعموم المسلمين، فكانت تفتي بذلك. أما سبب الركعتين هاتين فقد عَلِمَتْه أم سلمة رضي الله عنها، وهو ما سبق وقلناه من أنه عليه الصلاة والسلام كان قد شُغل عن ركعتي الظهر البعديتين فقضاهما عقب صلاة العصر ثم داوم على أدائهما، وهذا ينفي عنهما أنهما سُنَّة لعموم المسلمين.
ب - لقد نُقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طرق صحيحة أنه كان ينهى عن الصلاة بعد العصر، فلما ثبت لنا ذلك ثم رأيناه عليه الصلاة والسلام يُصلي بعد العصر أدركنا أن ذلك من خصوصياته، وأن هذا المعنى منقول عنه أيضاً.