وقد احتج الأوَّلون - الشافعي ومن قال بقوله - بحديث أبي هريرة الأوَّل وبحديث عُثَيم الثالث، وبحديث أم عطية السادس على وجوب ختان الأنثى، قائلين إنه لولا أن الختان كان واجباً في حق إبراهيم الخليل لما اختتن وهو في سن الثمانين، وكون القرآن الكريم يقول {أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيمَ حنيفاً} فهو دليل على وجوب الاختتان. وهذه الأدلة هي أدلة الفريق الثالث نفسها في حق الرجال دون النساء باستثناء الحديث السادس.
واحتج الفريق الثاني بحديث أبي المليح الثامن، لأن الحديث عندهم وصف ختان الرجال بأنه سُنَّة، ووصف ختان النساء بأنه مَكرُمة، وهو بمعنى السُّنَّة أيضاً. وبهذا الحديث استدل الفريق الثالث على رأيهم في ختان النساء بأنه سُنَّة، وزاد الفريق الأول والفريق الثالث على ما سبق القول إن كشف العورة حرام ولا يجوز ذلك إلا لأمرٍ واجب، ولولا أن الختان واجب لما جاز ختان البالغ وكشف عورته، والحديث الثاني دليل على ختان البالغين. هذا مجمل آرائهم واستدلالاتهم.
ونحن قبل النظر في هذه النصوص من حيث الاستدلال لا بد لنا من النظر فيها من حيث صحة الإسناد وعدمها فنقول: حديث عُثيم الثالث فيه انقطاع، وعُثيم وأبوه مجهولان، قاله ابن حجر وابن القطان، فالحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج. وحديث أم عطية اختُلِف فيه على عبد الملك بن عمير، فقيل عنه عن الضحاك، وقيل عنه عن عطية القُرَظي، وقيل غير ذلك، ثم هو معلول بمحمد بن حسَّان، قال أبو داود (ومحمد بن حسان مجهول وهذا الحديث ضعيف) فهو إذن غير صالح للاحتجاج. وحديث عبد الله بن عمر السابع أيضاً ضعيف ضعَّفه ابن حجر والبخاري، وقال الهيثمي (فيه مندل ابن علي وهو ضعيف) وحديث أبي المليح الثامن، قال البيهقي (هو ضعيف) وأعلَّه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فلا يصلح للاحتجاج. فتبقى الأحاديث التالية: الأول والثاني والرابع والخامس.