للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- «فتحيضي ستة أيام إلى سبعةٍ في علم الله ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستيقنت واستنقأت فصلي ... فإن ذلك يُجْزِئُك» .

٣- «وإن قويتِ على أن تؤخري الظهر وتعجِّلي العصر فتغتسلين، ثم تصلين الظهر والعصر جميعاً، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتصلين، وكذلك فافعلي وصلي وصومي إن قدرت على ذلك ... وهذا أعجب الأمرين إليَّ» .

فقد خيَّر الرسول عليه الصلاة والسلام حمنة في العبارة الأولى بين فعلين، مبيناً أنها إن فعلت أحدهما سقط عنها وجوب الآخر، وهي عبارة جد واضحة. ونجد في العبارة الثانية الخيار الأول، وفيه أمرها بالغسل عقب انتهاء الحيض ثم الصلاة، وليس في العبارة أي أمر بتكرار الغسل، وأكد بقوله «فإن ذلك يُجْزِئُك» . ونجد في العبارة الثالثة الخيار الثاني، وفيه أمرها بالاغتسال لكل صلاتين من الصلوات الأربع الأولى والاغتسال لصلاة الفجر كلَّ يوم وحبَّبه إليها بقوله «وهذا أعجب الأمرين إلي» إذن فالخيار الأول هو ما قلناه من قبل وهو الغسل مرة واحدة، وأن هذا مُجْزِئ، والخيار الثاني الغسل ثلاث مرات كل يوم وأنه أفضل، ولكنه غير لازم.

هذا هو مجمل حديث حمنة، فليس فيه وجوب تكرار الغسل، وإنما فيه استحبابه فحسب، فهو دليل لنا أيضاً على أن الواجب يسقط بالغسل مرة واحدة. إذن حديث حمنة يفيد أن الغسل مرة واحدة يُجْزِيء، وأنَّ غُسلها كل صلاتين في الجمع أفضل، وإذن فإن الغسل لكل صلاتين مندوب.

وبالرجوع إلى ما مرَّ فانَّا لو تساهلنا في حديث عائشة السابق الذي فيه «اغتسلي لكل صلاة» واعتبرناه يصلح للاحتجاج كما مال إلى ذلك عدد من الأئمة، فإن غاية ما يفيده استحباب الغسل لكل صلاة، تماماً كاستحباب الغسل لكل صلاتين، وهذا القول أعدل الأقوال وأَوْلاها بالأخذ جمْعاً بين الأدلة وإعمالاً لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>