أما رأي ابن المسيَّب والحسن، وعائشة فيما رُوي عنها، وهو وجوب الاغتسال مرة كل يوم أو كل يوم وليلة، فلم أجد له نصاً صحيحاً ولا حسناً يدل عليه فيترك.
٢- الوضوء: ذهب الجمهور إلى وجوب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة، وانفرد مالك بالقول: إنَّ الوضوء لكل صلاة مستحب، ولا يجب إلا بحدث آخر. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، لأن النصوص تدل عليه. وقد سبق حديث الترمذي الحسن الصحيح «توضئي لكلِّ صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» فهو نص صريح في الوضوء لكل صلاة، فيجب المصير إليه والعمل بموجبه.
أما أنه فرض وليس سنة، فذلك أن نزول الدم من الفرج ناقضٌ للوضوء لا أعلم فيه خِلافَاً، والمستحاضة ينزف دمها باستمرار، فهي في حالة نقضٍ دائم للوضوء لا تطهر منه، وبالتالي لا تستطيع الصلاة، فجاء الشرع يطالبها بالصلاة وبالوضوء لكل صلاة، ولو استمر الدم في النزول في أثناء الصلاة، فمطالبتها بالوضوء لكل صلاة إنما هو لأجل قيامها بواجب الصلاة، وإذن فلا يتصور أن يكون سنة، لأن السُّنَّة يجوز تركها، وهنا لا يجوز ترك الوضوء لأنه لو ترك لكان الناقض مستمراً ولما جازت معه الصلاة، وهذه الحالة هي حالة ضرورة وحالة عذر، تماماً كَسَلَسِ البول والريح، فهي قرينة على أن الأمر هنا يفيد الوجوب.